تُعد قيم العطاء والتراحم ومدّ يد العون ومساعدة المحتاجين نهجًا أصيلًا راسخًا دأبت عليه المملكة العربية السعودية عبر تاريخها القويم، حتى أصبح العمل الخيري والإنساني السعودي نبراسًا عالميًا يُحتذى، وعلمًا بارزًا يُقتدى به، وأصبحت المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال على الصعيد الدولي، نظير جهودها الإنسانية والإغاثية الكبيرة التي غطت مشارق الأرض ومغاربها، وشهد لها القاصي والداني.
وفي هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، تنامى العمل الإنساني السعودي وشهد تطورًا لافتًا، وذلك نتاج رؤية ثاقبة وإرادة عظيمة ومبادرة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الذي وجه -رعاه الله- بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ليوحّد مسيرة العمل الإنساني والإغاثي السعودي سواء كان مصدره حكوميًا أو شعبيًا، ويكون مظلة لكل الأعمال الإنسانية والإغاثية الخارجية للمملكة، بما يضمن تقديم عمل مؤسسي ومنظم وفق المعايير الدولية والعالمية، وليُظهر الدور المهم الذي تسهم من خلاله مملكتنا الغالية في مجال العمل الإغاثي والإنساني على المستوى الإقليمي والعالمي.
وبفضل الله عز وجل ثم بتوجيهات واهتمام خادم الحرمين الشريفين، وبمتابعة دؤوبة من سمو ولي العهد نجح مركز الملك سلمان للإغاثة خلال سبع سنوات من تدشينه، في الوصول إلى 86 دولة حول العالم، منفذًا أكثر من 2000 مشروع إنساني وإغاثي بقيمة قاربت 6 مليارات دولار أمريكي، مستهدفًا أهم القطاعات الحيوية، كالغذاء والتعليم والصحة والتغذية والمياه والإصحاح البيئي والإيواء وغيرها من القطاعات المهمة، استفاد منها الملايين من الفئات الأكثر ضعفًا واحتياجا في الدول المستهدفة دون استثناء أو تمييز بين عرق أو دين أو لون، كما تمكن المركز خلال هذه الفترة من عقد شراكات وثيقة وعلاقات استراتيجية مع المنظمات الأممية والدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني، إذ بلغ عدد شركاء المركز حتى الآن 175 شريكًا.
وإضافة إلى تلك المشاريع، فقد تضمنت جهود المركز على برامج إنسانية نوعية، منها مشروع مسام؛ لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام؛ حيث تمكن المشروع منذ إنشائه في عام 2018م من نزع أكثر من 353 ألف لغم زرعتها الميليشيا الحوثية بعشوائية في المناطق السكنية وفي المدارس والطرقات.
ومن برامج المركز النوعية أيضًا، برنامج الأطراف الصناعية، والذي يهدف إلى دعم ومعالجة وتوفير أطراف صناعية ذات جودة عالية للمصابين بالبتر، وإعادة تأهيلهم؛ لكي يكونوا أشخاصًا منتجين قادرين على العمل وممارسة حياتهم الطبيعية، وقد بلغ عدد المستفيدين من البرنامج أكثر من 25 ألف شخص في اليمن، و748 مستفيدًا في سوريا.
كما يعد مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين من أهم الأعمال الإنسانية للمركز في اليمن، إذ يهـدف إلـى إعـادة تأهيـل عـدد مـن الأطفال المجندين والمتأثرين في النزاع المسلح هناك، من خلال إدماجهـم بالمجتمع وإلحاقهم بالمدارس ومتابعتهم، إضافة إلــى تأهيلهم نفسيًا واجتماعيًا وإعداد دورات بهذا الخصوص لهم ولأسرهم، ليمارسوا حياتهم الطبيعية كأطفال، كما يهدف المشروع إلــى توعيــة أولياء أمور الأطفال بمخاطر التجنيد لهذه الفئـة، والعمل علـى إيجاد بيئة أسرية سليمة عبر إقامة الدورات التوعوية والتثقيفية والتعريف بالقوانين التي تجرم تجنيد الأطفال، وقد استفاد من هذا المشروع منذ انطلاقه 530 طفلًا، إضافة إلى 60.560 مستفيد غير مباشر من أولياء أمور الأطفال.
كما يضع المركز العمل التطوعي ضمن أهدافه الرئيسية، ساعيًا إلى تطويره، وتوعية الشباب عن أهميته وتحفيزيهم للمشاركة فيه، والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 بزيادة أعداد المتطوعين في المملكة إلى مليون متطوع، إذ قام مركز الملك سلمان للإغاثة بإطلاق البوابة السعودية للتطوع الخارجي، والتي تهدف إلى استقبال الراغبين بالتطوع للمشاركة ضمن أعمال المركز الإنسانية والإغاثية في الخارج بعد تأهيلهم وتدريبهم، وقد بلغ عدد المسجلين في البوابة حتى الآن أكثر من 18 ألف متطوع، إضافة إلى جهوده في استقطاب المتطوعين من مختلف الجهات والتخصصات للمشاركة ضمن برامج المركز التطوعية، والتي بلغت حتى الآن 242 برنامجًا تطوعيًا في مجالات متعددة نُفذت في 19 دولة حول العالم، منها برامج تعليمية وتدريبية، وأخرى طبية استفاد منها أكثر من نصف مليون مستفيد.
وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يوافق التاسع عشر من شهر أغسطس، يحتفي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بهذا اليوم، مشاركًا العالم التقدير والعرفان والامتنان للعاملين في المجال الإنساني الذين لا يألون جهدًا في سبيل مساعدة الفئات المحتاجة والمتضررة واللاجئين في مختلف بقاع العالم.