في كل مجتمع من المجتمعات لديه قضايا عالية الحساسية، ويراها مصيرية، وقد تصل إلى أبعد من ذلك، ومن الحصافة أن تعي المنظمات والشركات الربحية خصوصية المجتمع المستهدف وتحرص على تدقيق نتائج دراساته التسويقية وفهم طبيعة الجمهور المستهدف وتدارك أبرز المحاذير التي تنفّر المستهلكين من منتجاتك.
ومن المؤكد أن ثقافة العود والبخور من العادات الأصيلة في المجتمع السعودي، ولها رمزية عالية، والشركات الكبرى في هذا المجال تعي ذلك جيدًا وتعزز ذلك المفهوم من خلال إعلاناتها لمنتجاتها وربط ذلك بالأصالة ودمجها بالحاضر؛ لتشكل للجمهور صورة ذهنية جمعت ما بين الاعتزاز بالهوية والفخر بالثقافة المجتمعية.
ولأن غلطة الشاطر بألف وقعت إحدى الشركات الكبرى في فخ الخطية التي جمعت ما بين أحد أهم القضايا الوطنية لدى المجتمع السعودي، وهي القضية الأشهر سعودة القطاع الخاص وما بين مساس الرمزية الثقافية في تقديم المعاطف على الثياب في منتجات العطور الشرقية كعلامة سعودية تجارية.
ما حدث من ردود فعل ليست ذات دوافع عنصرية، لكن الفريق المسؤول عن أحداث الجائزة هو من وضع نفسه في هذا الموقف، ويتضح جليًّا غياب متخصصي العلاقات العامة عن هذا الحدث وتقييمه قبل الشروع في إطلاق الجائزة بهذا الشكل الذي رأى المجتمع أن الواقف بين المكرمين بشماغه يمثل جميع السعوديين، وهذا ما صورته الشركة عندما أوقفته بجانب زملائه من الجنسيات الأخرى.
تابع المختصون هذه الأزمة كنموذج حي على الطرق الاحترافية التي سوف تنتهجها الشركة في إدارتها لهذه الأزمة، لكن تفاجأ الجميع بصدور بيان حمل التهديد في مضمونه، وصدم المتابعين في نسبة السعوديين العاملين في الشركة؛ ما فتح باب التساؤلات بأن هذه النسبة الكبيرة مغيبة عن هذا التكريم لتعود الشركة مع هذا البيان للمربع الأول في أزمتها.
ومن وجهة نظر متخصصة أرى أن الأزمة مصدر لعودة الشركة مرة أخرى إذا أحسنت الاستفادة منها بشكل ذكي، وهناك زوايا كثيرة مضيئة في مشروع الجوائز والتكريم، لكن يبدو أن من يدير العملية الاتصالية لم يحسن استغلالها وذهب مع الجمهور في إثبات صحة الأزمة!
أعتقد أن التسويق عندما ينفرد بتخطيط الحملات الإعلامية يجعلها متسرعة ومتهورة ويجلب لها الكثير من المتاعب، وننصح بأن تستعين بكل تخصصات مظلتها الاتصالية حتى تنعكس أهدافها بشكل مدروس على الجمهور المستهدف.
العود يحترق حاليًًا لكن هل زادها الإحراق طيبًا؟!
Twitter:
@mohdalrasasimah