المبادرة السعودية تعري دور إيران التآمري-التوسعي فى اليمن

بعد استعادة 85% من أراض سيطرت عليها الميليشيات..
المبادرة السعودية تعري دور إيران التآمري-التوسعي فى اليمن

بعد سنوات التدخل الإيراني المباشر وغير المباشر لتغذية الصراع الدامي في اليمن (عبر ميليشياتها المسلحة، التى تعمل تحت إشراف قيادة الحرس الثوري)، وضعت السعودية النظام الإيراني في موقف حرج بطرح مبادرة شاملة لإنهاء حرب اليمن، ما يقطع الطريق على تمدد النفوذ الإيراني في الجوار العربي، ويطلع العالم على الراغبين في الحرب، والداعمين للاستقرار الإقليمي.

وأعلن وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، اليوم الإثنين، تفاصيل المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية، والوصول إلى اتفاق سياسي شامل، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير حول تطورات الملف اليمني، وعمليات تحالف دعم الشرعية في اليمن؛ حيث تتضمن المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة في اليمن فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات، ومواصلة دعم الحكومة الشرعية والشعب اليمني، مع حق السعودية الكامل في التصدي لأي اعتداء حوثي على الأراضي السعودية.

وتتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم بشان الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، كما تشمل المبادرة السعودية بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.

وتواصل إيران الإشراف على جميع أنشطة الميليشيات المسلحة (المحسوبة.. المقربة.. المموَّلة)، في اليمن، بالطريقة نفسها التى تدير بها أنشطة ميليشياتها فى المنطقة العربية (حزب الله اللبنانى.. حركتا: الجهاد الإسلامى، وحماس فى فلسطين...)، إلى جانب عشرات الميليشيات المسلحة فى العراق وسوريا، وشمال أفريقيا).

تحركات إيرانية مشبوهة

ولطالما كشفت تحركات إيران عن العلاقة العضوية التى تربطها بعشرات الميليشيات المسلحة، وأن مَنْ يتواجدون فى المنطقة من قوات الحرس الثورى، ليسوا مجرد مستشارين لنقل التجارب والخبرات الدفاعية، كما تزعم طهران، فى ظل نزعة توسعية تسببت في سقوط عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، وتشريد أعداد مضاعفة في كل المناطق التى تمارس فيها إيران خططها المشبوهة.

وظل اليمن شاهد عيان على محاولات التدخل الإيراني، حتى إن دعمها للميليشيات التابعة تسبب في بداية الأزمة في السيطرة على نحو 60% من القدرات العسكرية اليمنية، بعدما نجحت فى الاستيلاء عليها نتيجة سقوط المعسكرات العسكرية المركزية (لاسيما الواقعة فى نطاق محافظات: صعدة.. عمران.. صنعاء)، فى قبضتهم، ومن ثم صار تحت أيديهم مئات الدبابات والمدرعات والصواريخ المتعددة، فضلًا عن مئات الأطقم العسكرية وعشرات المخازن للذخيرة.

أسلحة إيرانية للميليشيات

وأعلنت الحكومة اليمنية مرارًا عن كشف شحنات أسلحة إيرانية لدعم ميليشياتها في اليمن (مئات الأطنان من الأسلحة والمتفجرات، ووقوارب محملة بالصواريخ المضادة للطائرات، وشبكات تجسس إيرانية..)، كما لعبت إيران دورًا في إيران تدريب وتأهيل ميليشياتها لا سيما العناصر التى تتولى مهام القيادة والسيطرة في معسكرات داخل إيران.

وتشير المعلومات إلى أن تدريبات قيادات الصف الأول (التى يجرى اختيارُها وفق معايير غاية فى التعقيد)، تتم بمعسكرات إيرانية (أشهرها معسكرات: أمير المؤمنين.. قاعدة الإمام على العسكرية.. قاعدة باهنر، على أطراف العاصمة طهران)، ويشرف على التدريبات مستشارون عسكريون وأمنيون إيرانيون، مهمتهم تأهيل هذه العناصر على حرب العصابات وقتال الشوارع، واستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وعمليات التفجير والاغتيالات.

وظلت التعليمات المباشرة الصادرة من إيران لميليشياتها في اليمن (كما في دول عربية أخرى)، تطالبهم بسرعة التحكم فى مفاصل الدولة اليمنية، عبر فرض عناصر الجماعة على مؤسسات الدولة (السياسية.. الاقتصادية.. الاجتماعية)، وتفكيك المؤسسات، وإصدار إعلانًات دستورية (كما حدث باليمن في السادس من فبراير 2015)، بعد إحكام الميليشيات سيطرتها على العاصمة صنعاء.

إيران تصنع دولة داخل الدولة باليمن

وبالرغم من أن الميليشيات الإيرانية في اليمن أصبحت دولة داخل الدولة عبر شروعها فى إعادة رسم الخارطة السياسية العسكرية والاجتماعية، فإن تعليمات طهران لم تتوقف، عبر مطالبة رجالها بضرورة إجهاض أى حل سياسي للأزمة اليمنية، وعدم المشاركة فى أى حوار للمصالحة، حيث يتم هذا عبر اتصال وتنسيق مباشر مع وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية (16 جهازًا للأمن والاستخبارات تتبع وزارة الاستخبارات.. استخبارات الحرس الثورى.. مخابرات الجيش.. استخبارات الشرطة)، التى تعمل تحت إشراف مجلس تنسيق المعلومات (أعلى هيئة استخبارية في إيران).

وبدأت الفتنة اليمنية من كهوف منطقة مران بمحافظة صعدة (قرب الحدود السعودية)، وفي مطلع عام 2002، بدأت الخطوات الجادة من الميليشيات الإيرانية لابتلاع اليمن عبر رفع شعارات ثورة الخمينى (الله أكبر.. الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا.. اللعنة على اليهود والنصر للإسلام)، ثم راحت الميليشيات الإيرانية في اليمن تستفز مؤسسات الدولة، حتى وقع الصدام عام 2004، في محافظة صعدة قبل تمدد المواجهات لمحافظات أخرى لاحقًا.

دعم إيراني مستمر لتعزيز الميليشيات

ولعب الدعم الإيرانى المستتر، ودعم حزب الله المباشر، دورًا مهمًّا فى زيادة قوة الميليشيات في اليمن؛ حيث شنَّت لاحقا 6 حروب، أسفرت عن مقتل 50 ألفًا من المدنيين والعسكريين، وإصابة عشرات الآلاف، كما تسببت العمليات العسكرية لجماعة الحوثى فى تهجير مئات الآلاف من السكان خلال المواجهات الدموية مع الدولة.

ومع موجة ما يسمى بثورات الربيع العربى، صدرت الأوامر الإيرانية للجماعة بتوسيع رقعة الصراع، والمشاركة فى الثورة الشبابية (فبراير 2011)، ثم ما لبث أن روَّجت ميليشياتها في اليمن لنفسها (صيف عام 2012)، قبل أن تحصل الجماعة نهاية أغسطس 2013، على اعتراف رسمي خلال معاركها مع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.

ورفعت الميليشيات الإيرانية في ليمن السلاح، مجددا، لتحقيق أهداف توسعية والعمل على تنفيذ استراتيجية إيران، التى تتحرك فى الشرق الأوسط، لكن في شهر مارس عام 2015 (موعد انطلاق عملية عاصفة الحزم)، وجدت ميليشيات الحوثي الانقلابية نفسها أمام متغير ميداني جديد، بعدما كانت تتحكم بالقوة في نحو 90% من البلاد، غير أن الفترة التى أعقبت انطلاق العمليات شهدت نجاحات مؤازرة للحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن عبر استعادة نحو 85% من الأراضي التي سيطرت عليها الميليشيات الإيرانية في اليمن.

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa