بحلول يوم الثاني والعشرين من فبراير، من كل عام؛ تكون المملكة على موعد متجدد لإعادة تجديد القيم التاريخية العليا التي تتمثل في واحد من أهم أيام المملكة الصادر بشأنه أمر ملكي بأن يكون ذلك اليوم هو «يوم التأسيس»؛ ذلك اليوم الذي تتجدد فيه الدلالة على ما يحمله من رمزية وطنية للعمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة.
يمثل يوم التأسيس صفحة مضيئة من صفحات التاريخ السعودي والعربي، فهو اليوم الذي يرتبط تاريخيا بالدور الوطني الفريد الذي أداه الإمام محمد بن سعود، عام 1139 هـ / 1727م، يوم تأسيس المملكة التي انطلقت من عاصمتها الدرعية – حينذاك – أولى محطات رحلة العطاء التاريخي ليس لأبناء المملكة فحسب بل وللعرب والمسلمين كافة، حيث انطلاق الدولة السعودية الأولى فلقد كان ذلك التاريخ هو يوم التوحيد والبناء في عهد الإمام محمد بن سعود، ولقد نتج عن جهوده الحكيمة أنه جمع شطري الدرعية على كلمة واحدة ولم يعد للتفرق في الدرعية وجود، ولقد عمل الإمام على توطيد ركائز الحكم جيداً على مستوى السياسة والاقتصاد.
وتتجاوز الأحداث المهمة في المملكة توثيق يوم التأسيس إلى ما يرتبط بالمعنى الشامل لتأسيس المملكة العربية السعودية، ففي 29 مايو عام 1933م تم توقيع الاتفاقية التاريخية من قبل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وكانت الاتفاقية عبارة عن «اتفاقية امتياز» وأتاحت لشركة «ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا» التنقيب عن النفط، وذلك بعد أظهرت تجارب الاقتصادات المقرنة دور النفط في العديد من دول الجوار، ومن بعد توقيع تلك الاتفاقية توالت وفود الخبراء الجيولوجيين بهدف دراسة تلك المواقع.
توالت بعد ذلك اكتشافات النفط، في العديد من مناطق المملكة بعد أن امتدت عمليات التنقيب إلى الظهران ومختلف مواقع الدمام، وكانت عمليات التنقيب عن النفط واستخراجه تتطلب يوميا المزيد من الجهد والعمالة والتخطيط، وبعد تلك الجهود وظهور الاكتشافات الهامة استقبلت الظهران الملك عبد العزيز في عام 1939م، وذلك بالتزامن مع اكتمال خط الأنابيب بين حقل الدمام وميناء رأس تنورة وذلك بطول 69 كيلومترا، وتوالى الاهتمام بالنفط حتى تملكت المملكة شركة أرامكو بأكملها لتنشئ بعد ثمانية أعوام شركة «أرامكو السعودية»، لتتولى جميع مسؤوليات شركة أرامكو.
ولكن يبقى معيار أهم من اكتشاف النفط في معادلة القوة التي حققتها المملكة؛ لأن ذلك النفط ما كان له أن يكون مصدر ثروة للمملكة من دون قيادات واعية ودولة تدرك على امتداد تاريخها حسن استثمار الثروات وإدارتها على نحو علمي وعادل، فطالما أظهرت المقارنات مع الدول ذات الثروات المماثلة أن تلك الثروات وحدها لم تكن عاملا في قيام الدول القوية أمام أحوال عدم الاستقرار والنزاعات وغياب الرؤية الاقتصادية الواعية.
ويمثل يوم الـ «23» من سبتمبر لعام 1932م يوما تاريخيا فارقا في صفحات التاريخ السعودي، وهو ذلك اليوم الذي يوافق ذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يدي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ولقد كان ذلك التاريخ بزوغ شمس المملكة العربية السعودية أعقاب جهود كبيرة بقيادة المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيلة 32 عاما، وكان عام 1932م الموافق لعام 1351هـ عام صدور المرسوم الملكي التاريخي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد "المملكة العربية السعودية".