ترتكز العلاقات بين المملكة وتركيا إلى الإدراك المتبادل للعديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك حيث ازدادت تركيا يقينا بحكمة الدور السعودي في تناولها مع إعلاء قيم الحياد والدعم الإنساني ومحاولة احتواء بؤر التوتر الدولي من خلال سياسة الرياض التي تقوم على «تصفير المشكلات».
وتاريخيا يرتبط البلدان بعلاقات ممتدة بدأ الجانب الدبلوماسي بها عام 1929م بعد أن وقعا اتفاقية «الصداقة والتعاون»، وقررا بعدها اتخاذ مزيد من الإجراءات الداعمة للعلاقات الثنائية وكان للزيارات المتبادلة التي أجراها قادة البلدين الدور المحوري في ذلك الشأن، تلك الزيارات التي بدأها الملك فيصل (حينما كان أميرا) إلى تركيا عام 1932م وأتبعها بزيارة عام 1966م حينما زارها ملكا ومنذ ذلك اليوم بدأ توطيد أواصر العلاقات بين أنقرة والرياض.
وتوالت من بعد ذلك القمم التي عقدت بين البلدين، والت العلاقات بينهما دفعة كبيرة من خلال الزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرسمية إلى تركيا عام 2016، ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخلال تلك الزيارة أعلن البلدان عن إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي، والذي تضمنت مستهدفات إنشائه اتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن مزيدا من القوة في العلاقات بين البلدين في الجوانب كافة.
شهد العام الماضي زيارة أجراها الرئيس التركي رجب أدوغان إلى المملكة، بناء على دعوة تلقاها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حيث استقبله الملك في قصر السلام بجدة، وتم بحث المزيد من الإجراءات التي تضمن تقوية دعائم العلاقات الثنائية. كذلك تنظر تركيا إلى المملكة بناء على المكانة الروحية التي تتمتع بها بين المسلمين في ربوع الأرض كافة، فضلا عن الإدوار التاريخية لقيادتها التي طالما عملت على وضع حلول سريعة لكثير من الأزمات التي ما كان لها أن تصل إلى حل سوى من بوابة الرياض.
الجانب الاقتصادي يعد أحد المرتكزات الهامة في تناول العلاقات بين البلدين فقد وصل التبادل التجاري بينهما عام 2022 م إلى 22 مليار ريال مسجلا بذلك زيادة تجاوزت 30% على أساس سنوي وتصدرت اللدائن قائمة الصادرات السعودية إلى تركيا بقيمة تجاوزت ثمانية مليارات ريال، وتصدر السجاد التركي واردات أنقرة إلى تركيا بقيمة إجمالية ثلاثة مليارات ريال، ويستهدف الجانبان خلال العام الحالي رفع قيمة التبادل التجاري بينهما إلى أكثر من 10 مليارات دولار.
سياسيا تدرك تركيا أيضا قوة الدور السعودي على المستويات الإقليمية والدولية بناء على مكانتها التي تتمتع بها بين أشقائها الخليجيين وتبني سياسة المصارحة في إدارة العلاقات الخارجية وتدعيم ركائز الحياد القائم على معادلات التوازن القائمة في المنطقة والعالم، وبرهنت الحرب الروسية الأوكرانية على ذلك الدور حيث حافظت المملكة على أعلى درجات الأداء المتزن في دعوة جميع الأطراف إلى السلام، فضلا عن دور اقتصادي مواز باشرته الرياض لضمان استقرار أسواق النفط.