قال النائب العام الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، إن السجون والإصلاحيات في المملكة، أصبحت مكانًا لإصلاح الفرد أكثر من أنها تأديب؛ حيث تدعم الفرد ليعود عنصرًا فعالًا في مجتمعه، مشيرًا إلى العزيمة الجادة التي جعلت السجون تتخطى العديد من التحديات؛ لتصبح على ما هي عليه اليوم، في ضوء متابعة ولاة الأمر.
جاء ذلك، خلال زيارة النائب العام إلى مديرية السجون بمنطقة مكة المكرمة، مساء أمس الخميس، التي تعد الأولى من نوعها على مستوى سجون المملكة؛ حيث كان في استقباله مدير عام السجون اللواء محمد بن علي الأسمري، ومدير سجون منطقة مكة اللواء ماجد بن بندر الدويش، وعدد من الضباط المسؤولين.
وأوضح النائب العام، أن هذه الزيارة جاءت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان؛ لتفقد أحوال النزلاء والوقوف على احتياجاتهم، لافتًا إلى أن الزيارات ستشمل كل سجون المناطق قريبًا.
وأضاف أن ما شاهده ولمسه من النزلاء، ما هو إلا بوادر الخير من حزمة البرامج التأهيلية والإصلاحية، التي تقوم بها السجون، مشيرًا إلى أن ملف العقوبات البديلة تمت مناقشته مع مدير عام السجون ،ومع عدد من الجهات المعنية، بالإضافة إلى وزارة العدل؛ حيث سترى النتائج النور في أقرب وقت ممكن.
واستمع النائب العام خلال جولته، إلى شرح عن الخدمات المقدمة للمستفيدين، وقال للسجناء: لقد جئتكم بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، فهل تحتاجون أي شيء؟، وطلب من لديه أي ملاحظة إبداء ملاحظته، وقال إن السجون ليست للعقوبة، بقدر ما هي لإصلاح النفس وتهذيبها، وإعادة دمجها في المجتمع.
وقام النائب العام بجولة ميدانية على سجن بريمان بجدة، وشاهد في بدايتها عرضًا مرئيًا عن مركز (ثقة)، وهو برنامج تطويري لبناء الإنسان، وتنمية القدرات المقدمة لنزلاء السجون، الذين أوشكت مدة محكومياتهم على الانتهاء في مكان مميز ومخصص لهم، كما يقوم رجال الأمن فيه بارتداء زي مختلف عن لبس رجال الأمن، تفاعلًا مع البيئة التطويرية، كما يعيش المستفيدون فيه حياة طبيعية، مع توفير كل الإمكانات لهم، وتجهيزهم لدمجهم في المجتمع؛ حيث أبدى المعجب إعجابه بمثل هذا البرنامج التطويري.
وزار الشيخ المعجب، الفصول الدراسية الخاصة بالمستفيدين، ومعمل الحاسب الآلي، الذي يقوم بتعليم المستفيدين مهارات الحاسب الآلي المختلفة، وكذلك مقر الجلسات العلاجية المقدمة للمستفيدين، كما استمع إلى موجز عن الخدمات والبرامج المقدمة لهم.
وخلال جولته، زار أيضًا أجنحة النزلاء من مستفيدي برامج (ثقة)، مبديًا سروره بما شاهده من خدمات متكاملة مقدمة للنزلاء؛ بهدف إصلاحهم ودمجهم في المجتمع.
وتفقَّد مصنع الجمجوم للأدوات الطبية، الذي يستفيد منه نحو 240 نزيلًا يقومون بإنتاج بعض المستلزمات الطبية، ويحصلون على مكافأة شهرية لهم، وفور انتهاء محكوميتهم يوقّعون عقود عمل مع تلك الجهة.
وأبدى النائب العام إعجابه بقسم البيت العائلي، وهو عبارة عن وحدات سكنية خُصصت لبرنامج زيارة اليوم العائلي مجهزة بكامل الخدمات المنزلية؛ حيث يستطيع السجين الاجتماع بعائلته كاملة (الزوجة والأولاد) في الوحدة السكنية من الصباح؛ وحتى المساء وكأنه في منزله؛ حيث استمع لأسر عددٍ من السجناء، مقدمين شكرهم على إتاحة فرصة تناول الإفطار في رمضان مع العائلة.
كما قام الشيخ سعود المعجب، بزيارة مركز (إشراقة) المعني بعلاج النزلاء المقبوض عليهم في قضايا تعاطي المخدرات منذ بدء توقيفهم، مشيدًا بالخدمات المقدمة فيه، كما استمع إلى نماذج من المستفيدين، الذين أكدوا أن المركز انتشلهم من وحل المخدرات، مثنين على البرامج والأنشطة المقدمة لهم.
وانتقل النائب العام والوفد المرافق له إلى إصلاحية جدة، حيث قاموا بزيارة مركز الأعمال، وكذلك معمل الخياطة والرسم والفنون؛ حيث شاهدوا منتجات النزلاء واستفادتهم التامة من تلك البرامج، فيما قاموا بزيارة مركز خدمات الزوار والبرامج المقدمة فيه، كما قام بزيارة سجن النساء بجدة وتفقد أوضاع النزيلات والبرامج المقدمة لهن.
من جانبه، قال مدير عام السجون اللواء محمد بن علي الأسمري، إن النيابة العامة داعم مهم لبرامج وخطط السجون، مضيفًا أن النائب العام وجَّه بأن تكون السجون هي الوجهة الأولى للزيارة لأي وفود تستضيفها النيابة العامة.
وأوضح اللواء الأسمري، أنهم يسعون بشكل حثيث حتى تتحول الإصلاحيات في المملكة إلى إصلاحيات حقيقية وفق هذا المفهوم، ووفق التصنيف الذي جرى البدء فيه وكان العمود الفقري لانطلاق برامج التأهيل والإصلاح، في البرامج التعليمية والتدريبية، ثم الانتقال إلى البرامج التشغيلية، مرحبًا بزيارة أي مسؤول يرغب بالاطلاع على هذه البرامج، وفي ضوء استمرارهم بتنفيذ الخطط الاستراتيجية والتطويرية.
وأشار الأسمري، إلى أن سجون منطقة مكة المكرمة شهدت المراحل الأولى التي انطلقت منها عدد من البرامج التأهيلية والإصلاحية، التي تعد الأولى من نوعها كبرنامجي (ثقة) و(إشراقة)، قائلًا «كان يجب أن نبدأ بمنطقة مكة؛ كونها الأكثر من حيث عدد النزلاء، وحتى تكون التجربة محفزة لنا بالنجاح وعاملًا مساعدًا لنا، ونسخة حقيقية نعمل على تعميمها على بقية سجون المملكة».
من جهته، قال مدير سجون منطقة مكة المكرمة اللواء ماجد بن بندر الدويش، إن النجاحات المتواصلة تأتي في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030، وداعمًا لمستهدفات برنامج التحول الوطني، التي تسعى من خلاله المديرية العامة للسجون على بناء وتطوير الشراكات مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى استحداث وتجديد البرامج الإصلاحية والتأهيلية، وفق ما أعلن في تدشين الخطة الاستراتيجية للمديرية العامة.
وأضاف اللواء الدويش، أنهم يسعون لتحقيق أفضل النتائج في البرامج التأهيلية للنزلاء، وأن هدفهم إصلاح الفرد وإعادته لمجتمعه بشكل فعال ومفيد مرة أخرى، وأن فترة محكوميته لا تعني نهاية الحياة، بل تعني الاستفادة من الماضي وتسليحه بالعلم والعمل، وكل ما يلزم ليستقيم حاله.