أكد أكاديميون ومتخصصون في علوم الشريعة، خطر التعدي على الأملاك العامة والخاصة، التي هي حق للأجيال الحالية والقادمة، مؤكدين حرص القيادة الرشيدة على حماية الأملاك والمرافق العامة ودعم خطط التنمية الشاملة في شتى أرجاء المملكة.
ونوه خطيب جامع الملك فهد بأبها الدكتور عبدالله بن محمد بن حميّد في حديثه لوكالة الأنباء السعودية بالحملة التوعوية التي أطلقها الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، أمير منطقة عسير مؤخرًا للحد من ظاهرة التعديات في المنطقة، وما تضمنته من قواعد أساسية تم تأصيلها شرعًا وأخلاقا، وما ورد فيها من أنظمة وأوامر تدفع الضرر عن الفرد والمجتمع، مستشهدًا بالعديد من المواضع التي وردت في القرآن والسنة وحرمت الظلم والتعدي على أموال وأملاك الآخرين، وما فيها من ظلم وتعد وحيازة بغير وجه حق.
واستشهد بن حميد بما ورد في الحديث القدسي الذي رواه أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربه -تبارك وتعالى، أنه قال: (يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، واستعرض الدلالات التي وردت في حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن رضي الله عنهما؛ حيث روى «أنه كانت بينه وبين أناس خصومة في أرض، فدخل على أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ فذكر لها ذلك فقالت: (يا أبا سلمة اجتنب الأرض، فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين)، وحديث «لعن الله من غير منار الأرض» الذي يؤكد حرمة التعدي على أملاك الآخرين أو سرقتها وما شابه.
ووصف إمام الجامع الكبير بمحافظة ظهران الجنوب الدكتور محمد مصلح آل هاشل التعدي بالمعصية، لما فيه من انتهاك لحقوق الآخرين سواء على النفس أو المال أو الأعراض، مستشهدًا بما ورد في الحديث «أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره حتى يبلغ به سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضي بين الناس»، وفي رواية «من أخذ أرضًا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر»، مبينًا أن ولاة الأمر حفظهم الله ـ أصدروا العديد من اللوائح والتعليمات التي تكفل لكل مواطن ومقيم حفظ حقوقه، وتؤكد منع التعدي بجميع صوره، كما ورد في نص المادة السادسة عشر من النظام الأساسي للحكم التي نصت على أن للأموال العامة حرمتها، وعلى الدولة حمايتها، وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها؛ ما يؤكد تطبيق الحماية التامة للمال العام والخاص وفق المنهج الشرعي.
ونهى إمام وخطيب جامع المدرقة برجال ألمع حسن فرحان آل عامر، من التحايل والتعدي على الممتلكات العامة والمقدرات الحكومية، وتخريبها بما يشوه جمالها، أو التعدي على المرافق العامة التي أقرتها الدولة لجميع أفراد المجتمع إما بإنشاء حديقة عامة أو مدارس متنوعة أو مساجد أو مستوصفات وغيرها، داعيًا الجميع إلى تقوى الله ومراعاة حقوق المسلمين ومنافعهم العامة التي كفلت الدولة والشرع حفظها لهم.
وأكد أن اقتطاع شيء من الحقوق العامة التي وضعها ولي الأمر للمصلحة العامة يعتبر ظلمًا وعدوانا، وقد يكون أشد إثمًا، كمن يقتطع شيئًا من طريق عام فيضيقه، أو يؤذيهم فيه بأذىً حسي أو معنوي، فيعكر عليهم سيرهم، مستشهدًا بالحديث: من أخذ من طريق المسلمين شبرًا جاء يوم القيامة يحمله من سبع أرضين.
كما أوضح خطيب جامع عمر بن الخطاب في ظهران الجنوب مسفر الوادعي أن ظلم الأرض له صور كثيرة ومنها الاستيلاء على أرض الآخرين غصبًا وقهرًا، إما استغلالًا لضعفهم كأراضي الأيتام ونصيب الأخوات في الأرضي والبيوت من التركات، والدخول في ملك الجار بالحيلة بتغير حدود الأرض وأعلامها، ومنها الاستيلاء على الأراضي المعدة للمنافع العامة كالحدائق أو الطرق أو المدارس أو غيرها ،ومنها البناء في الأراضي التي منعت الدولة البناء والإحداث فيها بغير إذن، مستنكرًا التحايل من بعض الجشعين على المسؤولين والقضاة الشرعيين أو الجهات ذات العلاقة لأخذ مال الغير بغير وجه حق، سواء بالحلف أو شهادة الزور أو الرشوة أو بطرق آخر غير مشروعة.
واستشهد بما أورده الأشعث بن قيس رضي الله عنه حين قال: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ»، قُلْتُ: إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلاَ يُبَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» متفق عليه.
اقرأ أيضا: