بالصور.. روعة التفاصيل تحول ذكريات الماضي في «جدة التاريخية» إلى مصدر إلهام للسعوديين

من بيت نصيف إلى الحارات الكبرى
بالصور.. روعة التفاصيل تحول ذكريات الماضي في «جدة التاريخية» إلى مصدر إلهام للسعوديين

  
لا شيء يذكرك بالتاريخ، أكثر من وجودك بين تفاصيله المثيرة، التي تحرك داخلك الخيال، فتصنع منها صورًا حية للماضي العريق، الذي يثير داخلك الفخر، بقدر ما يثير فيك الحنين.

هذا بالضبط، ما يشعر به زائر جدة التاريخية، فمن إطلالة بيوتها التاريخية إلى الملامح الخاصة الدافئة لشوارعها وأسواقها وباعتها الجائلين يجد المرؤ نفسه في رحلة مبهجة وحافلة بالمعاني، التي تضعه على بوابة تاريخ عريق لمدينة كانت، ولا تزال، بوابة العالم إلى أقدس البقاع؛ حيث وعد الله سبحانه ذرية إبراهيم الخليج الأمن والرخاء.

في جدة التاريخية، يقف الإنسان نفسه وسط متحف مفتوح فهي تحوي التراث الذي يحكي تاريخ المكان بصورة  تشير إلى التنوع الإنساني الذي ميّز المدينة عبر تاريخها الطويل، كما تؤكد الإصالة التي ميزتها عبر الأجيال، وجعلتها تحجز مكانة مهمة ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم «يونسكو».

تضم جدة التاريخية مجموعة كبيرة من المواقع التاريخية، أهمها: سور جدة والحارات التي تحكي قصة سالفة من الزمن الغابر، والمساجد التاريخية والأسواق التي ما زال أهل المدينة وزوارها يتوافدون عليها بأعداد كبيرة من الزوار والمصطافين للاستمتاع بالمنطقة التاريخية بمدينة جدة ووسط سوق البلد.

ويكتسب «بيت نصيف»، الذي يقع وسط جدة أهميته كأحد أهم  المعالم الأثرية في الجزء التاريخي من المدينة، نظرًا لنزول الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه) في ضيافة صحبه الشيخ عمر نصيف. كما أنه المكان الذي شهد مبايعة أهل جدة له في عام 1925.

ويعود بناء البيت إلى عام 1289هـ، واستمر بناؤه عشر سنوات وقد أهداه نصيف للدولة التي بدورها قامت بترميمه أكثر من مرة.

وتمثل أسوار جدة التاريخية معلمًا رئيسًا في المنطقة، كونه يحيط بالمدينة التاريخية من جميع جهاتها إحاطة السوار بالمعصم، وتتخلله سبع بوابات ربطت أهلها بالعالم الخارجي، علمًا بأن هذه البوابات السبع التي بنيت على مراحل وفق الضرورة، هي باب مكة، باب المدينة، باب شريف، باب جديد، باب البنط، وباب المغاربة، وقد أضيف إليها في بداية القرن الحالي باب جديد، وهو باب الصبة.

كما تمثل البيوت البلدية في جدة القديمة فنًا معماريًّا وهندسيًّا متميزًا، وهي تندرج ضمن النمط المعماري السائد في منطقة الحجاز، والذي يتسم بالقوة والمتانة والصلابة، ويتخذ شكلًا يدل على الهيبة والشموخ والصمود، والناظر إلى هذه البيوت يرى واقع التراث السعودي الأصيل المتوزع في حواريها الأربعة العتيقة، ومن أشهر تلك البيوت دار آل نصيف ودار آل جمجوم فـي حارة اليمن، ودار آل باعشن وآل قابل ومسجد الشافعي فـي حارة المظلوم، ودار آل باناجة وآل الزاهد فـي حارة الشام، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية بحالة جيدة بعد مرور عشرات السنين.

وتتميز جدة التاريخية، بالبيوت المتلاصقة وأبوابها المُوصدة ونوافذها الصامتة والأزقة الضيقة المتعرجة؛ فضلًا عن أسواقها الشهيرة، وهي: سوق العلوي، سوق البدو، سوق قابل، وسوق الندى, إلى جانب عدد من الخانات التاريخية التي تسمى القيصرية.

أما من حيث التقسيم الداخلي، فتتنوع مساكن جدة التاريخية بين عدة أحياء، من أشهرها حارة المظلوم التي سميت بأحد سكانها، الذين يروون أنه قتل ظلمًا في عهد الدولة العثمانية، وحارة الشام، وهي الجزء الشمالي داخل السور، وحارة اليمن، وهي الجزء الجنوبي من السور، وحارة البحر، وهي الجزء الذي يقع على البحر، ويضم العديد من المنشآت البحرية، بالإضافة الى عدد من البيوت والمساجد التاريخية.

وتأكيدًا لصلة الحاضر بالماضي، يظهر سكان جدة تمسكًا بالعادات والتقاليد التي توارثوها عن أجدادهم، ومن ذلك تزيين المنازل بالأنوار وارتداء اللباس الخاص والقديم والمعروف بأهل الحجار، وترديد الأهازيج استقبالًا للزوار، وهو ما يبرز على نحو خاص خلال شهر رمضان خاصة في المنطقة التاريخية المركزية والبلد التي تحتفظ بمخزون هائل من التراث والذكريات.
ويشكل باعة الوجبات القديمة معلمًا رئيسًا في جدة التاريخية فهناك من يبيع البـليلة المشهورة عند أهل الحجاز منذ زمن قديم، ويُضاف لها أشكال وألوان ليصبح مذاقها لذيذًا، كما توجد إلى جانب البسطات عربات مجرورة تقدم جميع الوجبات الخفيفة والقديمة من ترامس والعصير والحلويات الحجازية القديمة والمحبوبة لدى جميع الزوار لجدة التاريخية.
 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa