يعيش طلاب الصف الأول في مدرسة «الخبراء الثانوية»، يومًا دراسيًّا بعيدًا عن النمطية، ويقصدون فصولهم كل صباح، بتجربة تعليمية فريدة، يعيشون فيها أجواء التمثيل، وكتابة النص والسيناريو، لتتحول قاعة الدرس إلى ما يشبه الدراما التعليمية، و«اللوكيشن» المعد لتقديم الحصة التعليمية، بقالب مسرحي وتصويري، يجسد الشخصيات والمعارف والمهارات، ويحاكيها الطلاب بطريقة لعب الأدوار، المحققة لمفهوم التعلم النشط.
محمد الحربي معلم مادة الدراسات الاجتماعية بـ«ثانوية الخبراء» التابعة لمكتب تعليم «رياض الخبراء» بمنطقة القصيم؛ يبدأ عمله خارج صندوق الرتابة والتكرار، وفي شكل وهوية مختلفة ومتجددة، متأبطًا دفتر التحضير، ومذكرات الشرح في يمينه، حاملًا الملابس التاريخية، والأدوات التعريفية، والمقتنيات التراثية بشماله، التي تجعل من قاعة الدرس مسرحًا إغريقيًّا، تتوافر فيه متطلبات العرض المتكامل، من أقنعة وأزياء ونصوص تعزز استحضار القيمة العلمية والمعرفية للدرس، ليجد الطلاب أنفسهم أمام تحول زماني ومكاني، ينقلهم نحو عصور مضت، وعوالم أخرى يعيشون فيها حقيقة الدرس ومقصده وقيمته العلمية ليعود عليهم بمعرفة متجذرة وراسخة في الذهن، ومتطبعة في السلوك.
محمد الحربي يستدعي في أحايين كثيرة، وخلال تقديمه مادته العلمية، العديدَ من الشخصيات التاريخية، والأحداث العالمية، ليطبق التعلم النشط، بطريقة لعب أو تمثيل الأدوار؛ حيث يلعب الطلاب أدوار شخصيات تاريخية أو خيالية، بحسب طبيعة الدرس، ويُعطى كل واحد منهم عنصرًا من عناصر الدرس، ويقوم بتجلية وتوضيح هذا العنصر لزملائه من خلال تمثيل الدور.
وقال الحربي: «إن الهدف من تفعيل استراتيجية (لعب الأدوار)، هو تمكين الطلاب من تطبيق مهارات التفكير الناقد، وإكسابهم القدرة على توليد الأسئلة والمهارة في حل المشكلات، وتعزيز روح التفاعل والتواصل مع الآخرين، وقبل ذلك كله تعزيز الثقة، وزيادة العمل الإبداعي؛ ما يزيد دافعية طلب العلم، والبحث عن المعرفة».
وأضاف الحربي: «إن مادة الدراسات الاجتماعية، تزخر بالعديد من الموضوعات المتوافقة مع طبيعة تطبيق استراتيجية (لعب الأدوار)، كتلك الدروس التاريخية التي تتناول قضية فلسطين، على سبيل المثال، والكشوف الجغرافية التي تجوب البحار والقارات، وتكتشف الدول والمحيطات»، لافتًا إلى أنه من خلال هذه الاستراتيجية يتم تمثيل أحداث القضية الفلسطينية، واستكشاف القارة الأمريكية الشمالية، وتقمص الشخصيات التاريخية كـ(ماجلان وكريستوفر كولومبوس وفاسكو ديجاما)، وغيرهم، ووجد فيها الطلاب كل عناصر التشويق والإثارة، والإيصال المباشر والدقيق للمعلومة والحقيقة.
من ناحيته، أشار المسرحي والكاتب السعودي عبدالله الحمد الزيد، إلى إبداع وأهمية المحاكاة في المشهد التعليمي والتربوي، بوصفها أحد الطبائع البشرية، ونمط تعلم تطوريًّا للإنسان على هذه الأرض، تم ابتكاره للتعامل مع الطبيعة المحيطة به، فقلد الإنسان الحيوانات والظواهر الطبيعية الأخرى.
وأضاف الزيد: «إن المحاكاة كانت موضوعًا للفلاسفة، وأشهرهم أرسطو في كتاباته، الذي نقل الحديث عن المحاكاة إلى جانب جمالي فني في كتابه فن الشعر. ولذا فإن التعليم عبر المحاكاة والتمثيل له في الأساس جانب تعليمي يخاطب غريزة المحاكاة لدى الإنسان، ويسهل له عملية التعليم، وله جانب جمالي في حال إعطاء الجوانب الجمالية حقها في العملية التمثيلية، كالنص، والإخراج وجودة الأداء، ولو بتناولات بسيطة في قاعة فصل أو محاضرات أو دورات تدريبية».
اقرأ أيضًا:
50 عامًا بلا راحة.. معلم لغة عربية يهب حياته لتعليم الأطفال مجانًا
التعليم تدعو المتقدمين لحركة النقل بتنفيذ 3 إجراءات خلال مهلة تنتهي الخميس