من «المنظومة إلى نواتج التعلم»، تعددت المسميات لكن النتائج مازالت غير مُرْضية، وتشير إلى وجود خللٍ في العملية التعليمية ككل. بحسب متخصصين.
فمنذ أن ظهرت المنظومة التعليمية في تعليم المملكة وطبقت على المدارس كافة وهي تُعدَّل كل عام؛ بسبب نتائجها غير الإيجابية، حتى جاء وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، فجرى تغيير مسماها إلى «نواتج التعلم»، بناءً على توجيهات الوزير، التي ركز خلالها على نتائج التعليم بالمدارس، إلا أنَّ عدم وجود آلية لقياس ناتج التعليم، وعدم معرفة واضحة بمدى تحقيق النظام التعليمي لأهدافه، سواء على المستوى المدرسي أو على مستوى المجتمع، جعلها هي الأخرى، لا تُؤتِي أكلها حتى الآن.
من جانبه، قال المتخصص في أصول التربية والمهتم بتطوير التعليم الدكتور مساعد آل بخات، في تصريحات لـ«عاجل»: إن التعليم في المملكة بحاجة إلى أن يكون المسؤولون على مقربةٍ من الميدان التعليمي (المدارس) أكثر من الحاجة إلى منظومة تركز على الجانب النظري بلا مراعاةٍ لواقع الميدان التعليمي، ما أثقل كاهل قادة المدارس وأشغلهم عن أداء دورهم الإداري كما هو مأمول منهم.
وتابع المهتم بتطوير التعليم، أنَّ «التنظير أمر، والواقع أمر آخر من حيث (وجود تجهيزات مدرسية من عدمه، ومدى تفاعل الطلاب والطالبات مع معلميهم، وكفاءة عمل المعلمين والمعلمات، وحسن اختيار قادة المدارس من عدمه، ومدى فاعلية الإرشاد الطلابي.. إلخ».
وحول اختبارات الطلاب والطالبات بنواتج التعلم، أكد آل بخات أنَّه يجب أولًا الإيمان بأنها لن تقيس مدى كفاءة مخرجات التعليم من عدمه، وإنما الذي يقيس ذلك مدى تفاعل الطلاب والطالبات أثناء سير الحصص الدراسية. مشيرًا إلى أنَّه يجب رصد نتائج الاختبارات من قِبل المشرفين التربويين على أن رفع بعد ذلك لمكاتب التعليم وإدارات التعليم لمعرفة أين نقاط القوة والضعف؟ وما المخاطر التي تواجه المنظومة؟ فلا جدوى من النتائج إذا كان الهدف جمع بيانات فقط.
وأكد أنَّ «التعليم في المملكة يتم فيه تجربة بعض البرامج والأنشطة التعليمية التي طبقت في دول أخرى دون مراعاة بأن هناك فرقًا في التركيبة والخصائص السكانية، كما أنَّ هناك اختلافًا في الثقافات والعادات والتقاليد والأعراف والتي من شأنها أن تؤثر في العملية التعليمية ككل».
واقترح اعتماد استراتيجيات تعليمية من البيئة المحلية «لتتناسب مع عقيدتنا وأفكارنا وقيمنا وتربيتنا، وخصوصًا أن هناك مجموعة من التربويين المبدعين في التعليم السعودي والذين قد يستفاد منهم لطرح أفكار ورؤى تطور العملية التعليمية.
ووضع روشتة لنواتج تعلم أفضل، بينها: الرفع من مكانة المعلم اجتماعيًا، والاستفادة من تجارب المعلمين والمعلمات المبدعين وتعميمها على شرائح مجتمعية أكبر، وتوحيد اختبارات الطلاب والطالبات في المرحلة الثانوية (مركزية) وإلغاء اختبارات قياس والسنة التحضيرية في الجامعة، وإلغاء التقويم المستمر في المرحلة الابتدائية وإرجاع تدريس مواد الخط والتعبير والإملاء في حصص مستقلة كما في السابق.. إلخ.
وأكَّد أنه رغم أن إنفاق المملكة على التعليم هو الأعلى، إلا أنَّه في آخر إحصائية عالمية عن جودة التعليم، جاءت السعودية في المرتبة الـ54، ما يشير إلى وجود خلل كبير في العملية التعليمية ككل.
من جانبه، قال الكاتب والناقد المهتم بالتعليم والتربية الدكتور صالح الحمادي: إنَّ هناك فجوة عميقة ظهرت في مجال التربية والتعليم خلال العقدين الماضيين، بسبب تعدد الأفكار المستوردة، ما جعل مخرجات التعليم رديئة للغاية ويغلب عليها التسطيح والتلميع والسعي لتحقيق البهرجة الذاتية على حساب المهنة التعليمية والتربوية بكل جوانبها.
وأشار إلى أنَّ المعلم فقد بوصلته ووسائله وأدواته كما فقد الطالب المسارات التي يحتاجها في مراحله العمرية، مؤكدًا حاجة مؤسستنا التعليمية إلى الكثير لكي تعود لجادة المهنة وتقديم ما يحتاجه المتلقي، لا ما يحتاجه المشرف التربوي أو غيره من محترفي التنظير ومُبَرْوِزي الشكليات.
وانتقد المهتم بالتعليم والتربية الدكتور صالح الحمادي، التعجل وكثرة القرارات وتعدد التعاميم، مشيرًا إلى أنَّ المعلم ذا الخبرة العميقة أصبح متساويًا مع أي خريج جديد.
واقترح التخلص من «نواتج التعلم» والتركيز على أساسيات التعليم من لغة ومهارة كتابة وتنمية قدرات ذهنية والتركيز على التربية وجوانبها السلوكية بنفس المعدل المبذول في التعليم، «فلا قيمة للتعليم دون تربية وبدون تهذيب السلوك وغرس القيم».