جاءت التعديلات على نظام العمل، لتجدد التأكيد على حرص المملكة بشأن تعزيز حقوق أصحاب المنشآت والعمال على سواء، واتساقا مع الأهداف التي تباشرها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وجميع الجهات ذات الصلة؛ لتهيئة بيئة عمل جاذبة سليمة تضمن الحفاظ على المورد البشري في جميع المؤسسات باعتباره أهم ثرواتها، وفي نفس الوقت تفادي السلبيات المرتبطة ببيئة العمل غير المناسبة.
وجددت التعديلات التي وافق عليها مجلس الوزراء، ضبط العلاقة التعاقدية وطبيعة المعاملة بين أصحاب الأعمال والعمال، بحيث يتم الامتناع تماما عن ارتكاب أية تصرفات تخل بمبدأ تكافؤ الفرص، أو تؤثر على إنتاجية العمال، واستمراره في العمل، وتضمن التعديلات كذلك نشر أجواء العدالة والمنافسة الإيجابية في بيئة العمل من خلال إعطاء كل عامل أو موظف في أي من منشآت القطاع الخاص حقوقه كاملة وخصوصا تلك التي تتعلق بالإجازات.
تصدر البعد الإنساني كذلك اهتمام المشرعين في مراعاة الإجازات المتعلقة بالارتباطات الأسرية والاجتماعية لكل فرد في أي مؤسسة؛ بعد النص على «إضافة إجازة مدفوعة الأجر لمدة 3 أيام للعامل في حالة وفاة الأخ أو الأخت»، كذلك ركزت التعديلات على مراعاة توثيق فترات التدريب وتوفير آلية قانونية للاستفادة منها بعد أن تمت إضافة حقوق المتدرب وصاحب العمل وواجباتهما في عقد التدريب.
كذلك نالت المرأة العاملة نصيبها من تلك التعديلات؛ مما يؤكد الحرص على حق المرأة في العمل والقيام بدورها وفق مبدأ الواجب والحق في سياق إنساني بعد زيادة إجازة الوضع للمرأة العاملة إلى 12 أسبوعا، وإمكانية الاتفاق للحصول على إجازة مدفوعة الأجر المستحق للعامل لساعات العمل الإضافية.
العقود أيضا نالت اهتماما خاصا من المشرع، بعد أن تمت مراعاة التجديد والمدد، مع وحوب تحديد فترة التجربة في عقد العمل على ألا يزيد في جميع الأحوال عن 180 يوما، وإضافة تعريف (الاستقالة) و (الإسناد).
أيضا تمت إضافة مادة توضح إجراءات الاستقالة، وإضافة حالة لإنهاء عقد العمل مرتبطة بإجراءات الإفلاس وتنص على «صدور قرار، أو حكم نهائي من المحكمة المختصة، بإنهاء عقد العمل في أي من إجراءات الإفلاس المفتتحة وفق نظام الإفلاس»، وذلك فضلا عن تعديل فترة الإشعار؛ لإنهاء العقد عير محدد المدة لتكون 30 يوما إذا كان الإنهاء من طرف العامل و60 يوما إذا كان الإنهاء من طرف صاحب العمل، بما يحفظ حقوق الطرفين.
وتجدد الدولة من خلال تلك التعديلات التأكيد على وضع الأطر القانوينة اللازمة بشأن توطين وسعودة الوظائف؛ بما يضمن عدم الاكتفاء بتحقيق نسب توطين عالية وإنما الوصول إلى مستويات نوعية في عملية التوطين بما يوفر بيئة عمل جاذبة للموظفين في القطاعات كافة، وعدم الاكتفاء بمجرد تحقيق نسب عالية.
اقتصاديا تدعم تلك التعديلات المنصبة في الأساس على خدمة العنصر البشري وأصحاب المال والأعمال، سوق العمل في المملكة ومن ثم دعم الاقتصاد الشامل، من خلال الوصول بمعدل البطالة في المملكة إلى أدنى مستوياته، وتعزيز المورد البشري من الأيدي العاملة، مع اتخاذ الإجراءات التي تمنع الاحتراق الوظيفي أو نفور الموظفين من بيئة العمل.