الإمام محمد بن سعود.. الحكيم الذي نقل «الدرعية» من الفوضى للوحدة ومن النزاع للاستقرار

الدرعية

الدرعية

ظروف استثنائية ومعاناة طويلة تعيشها "الدرعية" ما بين ضعف وانقسام ونزاع داخلي، وانتشار لمرض الطاعون في جزيرة العرب ووفاة المئات.. كل تلك الأحداث كانت كفيلة بأن تحدث أزمات كبيرة لأي حاكم في بداية توليه مسؤوليات جسام، إذا لم تكن لديه الحكمة الكافية للتعامل معها، الجميع خائف وقلق ولا يبدو أن أحداثا إيجابية ستحدث لكن كل ذلك تلاشى مع تولي الإمام محمد بن سعود الحكم.

لم تكن الظروف التي تولى فيها الإمام محمد بن سعود حكم "الدرعية" هي الأفضل، ووفقًا لمصادر تاريخية هامة، فإنها كانت تعاني من انتشار الطاعون والانقسام، لكن بفضل نشأته وهو المولود في 1090هـ 1679 م في الدرعية استفاد من التجربة التي خاضها في شبابه فكان مراقبًا جيدًا للأوضاع بالإمارة وعمل إلى جانب والده في ترتيب أوضاعها هو ما أعطاه معرفة تامة بكل ما يدور داخل الإمارة.

هذه المعرفة لم تتوقف عند إدارة شؤون الإمارة عن قرب فقط لكنها شملت الدفاع عنها حيث شارك الإمام محمد بن سعود في صد غزو سعدون بن محمد للدرعية وصمد ودحر جيش المعتدي، هذه الخبرات إضافة للحكم والتدين الكبير ساهما إلى حد بعيد في تكوين شخصيته وهو ما ساعده فيما بعد على القفز بالدرعية إلى المدنية والدولة المركزية القادرة على الانطلاق فيما بعد والتوسع والوحدة.

خلال فترة حكم الإمام محمد بن سعود والتي بدأت بعد حملة العيينة التي وقعت في منتصف عام 1139هـ / فبراير1727م، وبعد أربعين عامًا من القيادة والتأسيس، نجح في وضع أسس للاستقرار في "الدولة السعودية الأولى" كما نجح في التعامل مع الإمارات المجاورة والعشائر المتنقلة وكان له دور كبير في استتباب الأوضاع في الإمارة بفضل رؤيته الثاقبة ومعها بدأ التخطيط لتغيير النمط السائد في تلك الأيام حيث عمل على إرساء قواعد الوحدة ونشر التعليم والثقافة وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والحفاظ على الأمن.

40 عامًا من القيادة للتأسيس شهدت إنجازات بارزة للإمام محمد بن سعود كان أهمها تأسيس الدولة السعودية الأولى والتي تمت على مراحل حيث وحد شطري الدرعية تحت حكم واحد، كما عمل على تقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده وتقنين عملية الحصول على الموارد للدولة.

كما ساهمت الحكمة الكبيرة التي كان يتمتع بها في التواصل مع البلدات الأخرى للانضمام إلى الدولة السعودية واحتواء زعاماتها وجعلهم يعلنون الانضمام للدولة وتفضيل الوحدة، وكذلك بناء سور الدرعية للتصدي للهجمات الخارجية القادمة من شرق الجزيرة العربية بل وبدء حملات التوحيد بقيادته بنفس للجيوش، حتى نجح في توحيد معظم منطقة نجد وانتشار أخبار الدولة إلى معظم أرجاء الجزيرة العربية، وفي ظل ذلك لم يتأثر الاستقرار في البلاد فكانت طرق الحج والتجارة مؤمنة بأفضل ما يكون وتصدى لعدد من الحملات التي أرادت القضاء على الدولة.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa