حكومة أردوغان ترتكب جريمة إنسانية ضد السوريين بالحد من تدفق الفرات

أنقرة تبدأ حرب تعطيش المدنيين للضغط على بشار الأسد..
حكومة أردوغان ترتكب جريمة إنسانية ضد السوريين بالحد من تدفق الفرات

شرعت حكومة الرئيس التركي، رجب أردوغان، في تقليل مناسيب تدفاق مياه نهر الفرات المتجهة إلى سوريا، وسط معاناة كبيرة يعيشها السوريون جراء الحرب الأهلية وتردي الأوضاع الاقتصادية وتصاعد موجة تفشي مرض كورونا، فضلًا عن النقص الحاد في المواد الغذائية.

وحسب مجلة «دير شبيجل» الألمانية، فإنه وفي خضم موجة الحر الشديدة، تصل كميات أقل من المياه إلى سوريا، الأمر الذي يجعل ملايين الناس مهددين بالعطش والجوع، وانقطاع الكهرباء، ما يعني أن تركيا بدأت حرب تعطيش السوريين للضغط على حكومة بشار الأسد من ناحية، وتضييق الخناق على الأكراد من ناحية أخرى.

ومنذ أسابيع، بدأ منسوب المياه في الفرات أقل بكثير من المعتاد، حسبما أفاد شيروان شادو، مدير العمليات في سد تشرين لـ«شبيجل»، والذي أوضح أنه «وفقًا للاتفاقيات الدولية حول نهر الفرات، سيتعين علينا الحصول على 500 متر مكعب من المياه في الثانية. الآن نحصل على أقل من 200 متر مكعب»، وهو أمر له عواقب مميتة.

وسد تشرين هو ثاني أكبر سد في سوريا- ويستخدم ملايين السكان الكهرباء المنتجة منه- وعادة ما يقدر هذا بحوالي 800 ميجاوات من الكهرباء. لكن بحسب تقرير المجلة، لم يعد متاحًا سوى ربع ذلك الرقم فقط. 

ويمثل نهر الفرات المصدر الرئيسي للمياه للكثيرين، ويستخدمونه لري حقولهم، إذ يعتبر الشمال الشرقي مخزن الحبوب السوري، كما أن معظم سكانه يعيشون على الزراعة أو الصيد. ومن ثم فيمكن أن يجوع الكثير جراء نقص المياة. 

وفي اتجاه مجرى النهر، بالقرب من مدينة الرقة، يقول أحد الصيادين إنه بالكاد يجد ما يصطاده في نهر الفرات، وإن «الرقم القياسي هذا العام كان أربعة كيلوجرامات من الأسماك.. وفي العام الماضي كان المتوسط 15 كيلوجرامًا».

ولا يعد الحر الشديد مسؤولًا بالكلية عن انخفاض منسوب النهر، فيما تشير كل الدلائل إلى أن دولة المنبع، وهي تركيا، تتدخل في الأمر، حيث قرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بناء العديد من السدود الجديدة كجزء من مشروع جنوب شرق الأناضول، وهو ما يجري أيضًا مع نهر دجلة، ما يسهم في نقص المياه بشدة لدى دولتي المصب سوريا والعراق..

والفرات هو أحد أهم الأنهار في الشرق الأوسط، ومثل دجلة، يتدفق من تركيا عبر سوريا والعراق إلى الخليج العربي، ويعتمد أكثر من 60 مليون شخص عليه وحده.

وبسبب أهمية النهر، كانت هناك العديد من المعاهدات حوله. في عام 1987، توصلت تركيا وسوريا إلى اتفاق بشأن قضيتين في وقت واحد، يعتبرهما البلدان أنهما محوريان: الماء و«الإرهاب».

وأكدت أنقرة للرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد أن بلاده ستتلقى 500 متر مكعب من المياه من نهر الفرات كل ثانية. أما الأسد، بدوره، فقد وعد بأن دمشق لن تدعم حزب العمال الكردستاني (PKK) - العدو اللدود لأنقرة.

ويبدو أن الحكومة التركية تريد استخدام الأزمات السياسية في سوريا والعراق لبناء السدود المخطط لها منذ فترة طويلة على نهري الفرات ودجلة، وآخرها سد إليسو. وتواجه الحكومة السورية حاليًا صعوبة في الاحتجاج دوليًا. وحتى الآن، يتجاهل الأتراك كل رسائل الشكوى العراقية في هذا الشأن.

اللافت للنظر أن المناطق المتأثرة بالحكم الذاتي السوري الكردي التي يلعب فيها حزب العمال الكردستاني دورًا مهمًا– وهو في حالة حرب مع أردوغان في سوريا والعراق- تتأثر بشكل رئيسي.

ويُشتبه في أن تركيا تستخدم آليات الحد من المياه كسلاح حرب، وفق «شبيجل»، خاصة وأنّ هذا حدث بالفعل في مكان آخر.

وعلى سبيل المثال، تسيطر القوات التركية على محطة ضخ مياه الشرب بالعلوك منذ أكتوبر 2019، والتي تزود محافظة الحسكة الخاضعة للسيطرة السورية الكردية. وقد أقدمت القوات التركية وحلفاؤها هذا العام على إغلاق المياه عدة مرات. ويعتمد حوالي 460،000 شخص في الحسكة على محطة الضخ، بما في ذلك آلاف النازحين داخليًا.

وتنقل المجلة الألمانية عن توبياس فون لوسو، المختص بأبحاث حول المياه وصراعاتها في معهد كلينجتايل في لاهاي، قوله إن تركيا  «تستخدم المياه- في الفرات ومحطات الضخ كما هو الحال في العلوك- لإثبات وتعزيز قوتها في سوريا على المدى القصير على الأقل. كما تُظهر أنقرة أن الحكم الذاتي السوري الكردي عاجزًا عن تأمين إمدادات المياه وبالتالي فهي تضعف شرعيته».

ويضيف فون لوسو: «لماذا الآن؟. لأن النفوذ سيستمر لفترة أطول في الصيف. نقص المياه يصيب السكان أكثر مما هو الحال في الشتاء، لأن وضع الإمدادات يمكن أن يصبح حرجًا بعد بضعة أيام فقط». 

وتابع «لا يوجد حاليًا نقص كبير في المياه بشكل استثنائي في تركيا بما يمكن معه منح الأتراك مبررات عن حاجتهم الماسة إلى المياه حاليًا مثلًا».

وهناك مشكلة أخرى متزايدة الخطورة في المياه في شمال شرق سوريا، حيث توجد آبار النفط السورية في المنطقة. ومنذ بداية الحرب الأهلية في عام 2011، ازداد عدد مصافي النفط غير الرسمية بسرعة؛ ومن ثم يحدث المزيد والمزيد من التسريب في خطوط الأنابيب القديمة. ويقال إن آلاف البراميل قد تسربت بالفعل. وتُظهر لقطات فيديو مصورة بقعًا زيتية في النهر والحقول.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa