تفاصيل مدوية.. قطر مولت الإخوان لـ«فتح روما»

دعمت 140 مشروعًا في أوروبا للسيطرة على الجاليات المسلمة
تفاصيل مدوية.. قطر مولت الإخوان لـ«فتح روما»

كشفت مصادر أوروبية استخبارية وسياسية، أن قرار المقاطعة العربية لقطر ساعد القارة العجوز في تفادي مخاطر إرهابية كبيرة، بعدما أعاقت مساعي الدوحة إلى توظيف الجماعات المتطرفة، لا سيما الإخوان المسلمون، للتغلغل في عدد من الدول الكبرى، كفرنسا وألمانيا وإيطاليا.

وحمل فيلم وثائقي أذاعته قناة «أرت» الفرنسية، الثلاثاء الماضي، تفاصيل مثيرة عن دور قطر في تمويل الإرهاب من خلال عدد كبير من المشروعات أوكلت إدارتها إلى جماعة الإخوان المسلمين، مشددًا على أنه لولا المقاطعة التي فرضتها السعودية وثلاث دول عربية هي مصر والبحرين والإمارات على الدوحة ردًّا على دعمها للإرهاب، لتكبدت الدول الأوروبية خسائر فادحة.

واستعرض الفيلم المدعم بالأرقام والمقابلات، تفاصيل تمويل مؤسسة قطر الخيرية مشاريع المساجد والمراكز الإسلامية والمدارس في أوروبا، مشيرًا إلى أن القيمة الكلية لهذه المشاريع تصل إلى 120 مليار يورو.

وقال الفيلم إن مؤسسة قطر الخيرية –وهي ذراع قطرية تتستر بالعمل الخيري– لعبت أدوارًا عديدة لاختراق المجتمعات الغربية من أجل تدعيم وجود جماعة الإخوان وتأثيرها وسط الجاليات الإسلامية، مضيفًا: «بعد أن قوطعت، بدأت قطر تعدل خطابها وخفضت استراتيجية النفوذ التي وضعتها، بما في ذلك على الصعيد الديني».

وذكرت القناة أن الوثائق التي حصلت عليها تكشف تمويل قطر مشاريع مرتبطة بالإخوان المسلمين في أوروبا، منوهةً أن مؤسسة قطر تساهم في تمويل 140 مشروعًا في أوروبا بقيمة 120 مليون يورو، معظمها في إيطاليا تحقيقًا لحديث القيادي الإخواني يوسف القرضاوي عن «فتح روما».

وذكر الفيلم الوثائقي أن إيطاليا جاءت في المركز الأول بين الدول المستهدفة بهذه المشاريع؛ حيث بلغ نصيبها 47 مشروعًا، تليها فرنسا بـ22 مشروعًا، ثم إسبانيا والمملكة المتحدة بـ11 مشروعًا لكل منهما، وأخيرًا ألمانيا بعشرة مشاريع.

وبينت الوثائق التي اعتمد عليها معدو الفيلم الوثائقي أن قائمة الممولين لهذه المشروعات ضمت مسؤولين وأفرادًا من الأسرة الحاكمة القطرية مثل الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، والشيخ سعود جاسم أحمد آل ثاني، والشيخ خالد بن حمد بن عبد الله آل ثاني، والشيخ جاسم بن سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، بالإضافة إلى الديوان الأميري نفسه.

وقال الفيلم إن الهدف من تمويل هذه المشاريع في أوروبا هو استغلال الجاليات الإسلامية، لدعم السياسة القطرية داخل الدول الأوروبية، مشيرًا إلى أن الدوحة اختارت للإشراف على هذه المشروعات منظمات ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين، ومنها «جمعية مسلمو فرنسا».

وتضم فرنسا أكبر مشاريع مؤسسة قطر الخيرية، وهو «مركز النور الإسلامي» في مدينة (مولوز)، ويشتمل على جامع بطابقين، وفصول دراسية، ومكتبة، ومطعم، وسوق منتجات حلال، وحوض سباحة غير مختلط، بالإضافة إلى مركز طبي.

وذكر الفيلم الوثائقي إن تكلفة المركز بلغت 28 مليون يورو، دفعت قطر الجزء الأكبر منه، ناقلًا عن رئيس «جمعية مسلمو ألزاس» المشرفة على الإنشاء ناصر القاضي، قوله: «لقد طلبنا تبرعات من قطر، وقد تبرعوا بنحو سبعة ملايين يورو. أتحدث عن منظمات في قطر. لقد كان المتبرعون من جهات خاصة، لكنها يجب أن تمر عبر منظمة رسمية هي (مؤسسة قطر الخيرية)».

واعترف القاضي بأنه ينتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، فيما كشف عميل استخبارات فرنسي تفاصيل التمويل القطري للمركز، قائلًا إنه بلغ خمسة ملايين يورو في عام 2017.

وأضاف المصدر نفسه: «أتت التبرعات من مؤسسة قطر الخيرية، فضلًا عن خمسة ملايين أخرى في عام 2016». وبحسب العميل الفرنسي، فإن مركز النور مرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين.

وتشير الوثائق إلى أن مسجد فيل نوف داسك في فرنسا، الذي يخضع لإدارة منظمة «مسلمو فرنسا»، استقبل في عام 2015 وفدًا قطريًّا من ضمنه الشيخ حمد بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر الخيرية، ووزير الداخلية القطري السابق، وأحمد محمد الحمادي المسؤول عن مؤسسة قطر الخيرية في أوروبا، والأخير –وفق الوثائق– هو الذي يجوب أوروبا ويلتقي الإخوان المسلمين هناك؛ حيث يحمل جواز سفر قطريًّا دبلوماسيًّا يُمكِّنه من دخول الدول الأوروبية كافةً تقريبًا.

واستعرض الفيلم وثائق تثبت امتلاك مؤسسة قطر الخيرية مشاريع عديدة تديرها جماعة الإخوان بالكامل. ومن هذه الوثائق خطاب موقع باسم يوسف القرضاوي يوصي فيه بدعم مشروع في ميلانو.

وربط الفيلم بين تركيز مؤسسة قطر الخيرية على إيطاليا وحديث سابق للقرضاوي عما سماه «فتح روما»، مشيرًا إلى أن المؤسسة تمول 47 مشروعًا بعدد من المدن الإيطالية بأكثر من 25 مليون يورو.

وقال إن «أغلب هذه المشاريع يقودها اتحاد الجاليات والمنظمات الإسلامية في إيطاليا (UCOII) المقرب من جماعة الإخوان المسلمين»، مضيفًا: «ترتكز أغلب المشاريع في جزيرة صقلية، وبالتحديد بـ11 مشروعًا، ويبرر ذلك أنها كانت تحت حكم المسلمين في السابق، بحسب ما يظهر في كتيب من إصدار مؤسسة قطر الخيرية».

وركز الفيلم على تبرعات تلقتها مديرة متحف بمدينة لا شو دو فون السويسرية السيدة نادية كرموس، وهي قريبة لرئيس بنك التقوى؛ حيث تبين أن الأموال جاءت من مؤسسة قطر الخيرية. وفي جولة للقناة داخل مكتبة المتحف، وجدت كتب السيد قطب ويوسف القرضاوي المترجمة.

ووفقًا لمذكرة للاستخبارات الداخلية الفرنسية، في 30 أبريل 2007، قبضت الجمارك الفرنسية على شخص يدعى محمد كرموس في القطار متوجه من زيورخ إلى باريس، ووجد بحوزته 50 ألف يورو نقدًا. وأكد كرموس أنه حصل على المبلغ النقدي في جنيف من القطري أحمد الحمادي، وكان المبلغ متوجهًا إلى المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية الذي يُدرب أئمة المساجد.

وحسب مذكرة أخرى، قام الحمادي شخصيًّا وبشكل مباشر بتسليم المدير السابق للمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية زهير محمود 500 ألف يورو نقدًا، أي ما يعادل 62% من ميزانية المركز السنوية.

وفي إفادته قال محمود: «حينما افتتحنا المعهد، دعونا عددًا من الأساتذة من مختلف الجامعات الإسلامية، منهم الشيخ القرضاوي وغيره، وعملوا على إعداد برنامج علمي. لم يكونوا جميعهم منتمين إلى الإخوان المسلمين. القرضاوي كان معروفًا بأنه من الإخوان المسلمين، وهناك واحد أو اثنان غيره. ولكن إن كنتم تتساءلون عما إذا كان المعهد تابعًا للإخوان المسلمين، فمن يقوم بأعماله هم الإخوان المسلمون من أجل المسلمين. ولكن في النهاية العمل يصب في مصلحة المسلمين».

أما في بلجيكا، فتبين أن مؤسسة قطر قدمت لرابطة المسلمين بها، مليونًا و81 ألفًا و940 يورو من أجل مشروع إنشاء مركز ثقافي في مدينة سان جيل في ضواحي بروكسل. وذكر الفيلم الوثائقي أن مستشارًا في السفارة القطرية رافق مفاوضي الرابطة لتقديم دعم قطر.

وشهدت ألمانيا جهودًا مماثلة من جانب القطريين، ومن ذلك سعي مؤسسة قطر إلى توفير أرض للمنظمة الإسلامية في ميونخ من خلال تقديم 4.5 مليون يورو تبرعًا، مع دعم منتدى الإسلام في ميونخ بقيمة 44 ألفًا و756 يورو، وكلاهما –كما قال الفيلم– قريب من جماعة الإخوان.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa