المراكب الخادعة طريق الإيرانيين للقفز من سفينة النظام

يهاجرون إلى أوروبا بحثًا عن ظروف أفضل..
المراكب الخادعة طريق الإيرانيين للقفز من سفينة النظام

لم يتحمل مئات الإيرانيين الظروف الاقتصادية الآخذة في التدهور ببلادهم، فقرروا الهجرة؛ بحثًا عن ظروف أفضل وربما عن وطن آخر، فوجدوا ضالتهم في أوروبا، لاسيما بريطانيا، في محاولة لانتشالهم من الغرق في قبضة سياسيات النظام الحاكم في طهران.

وعلى مدى سنوات، اتجه آلاف المهاجرين واللاجئين باتجاه الموانئ الفرنسية بالقناة الإنجليزية على أمل عبورها بشكل غير قانوني ليصلوا إلى بريطانيا، ويستخدمون لذلك أساليب خداعية، منها الإيهام بوجود أطفال في محاولة لسرعة التدخل لإنقاذهم، لا سيّما في ظل القوانين البريطانية الداعمة للمهاجرين بشكل كبير.

لم يكن اختيار المملكة المتحدة مصادفةً؛ فهي لا تطبق سياسة إعادة المهاجرين، وهو ما يجعلها مفضلةً لكثيرٍ من الراغبين في مغادرة أوطانهم، كما أنّ هؤلاء المهاجرين لا يحتاجون إلى العبور سرًا من أجل دخول هذا البلد الذي يبعد عن إيران بأكثر من ستة آلاف كيلو متر.

كان هناك العديد من الأطفال 40 مهاجرًا من إيران وأيضًا من العراق وأفغانستان، أنقذتهم السلطات البريطانية والفرنسية من خمسة زوارق في القناة الإنجليزية في وقت مبكر من صباح الثلاثاء الماضي.

وجرى اعتراض 12 مهاجرًا آخرين كانوا على متن زوارق صغيرة يومي الأربعاء والخميس الماضيين، كما اعترضت السلطات زورقين يحملان 12 مهاجرًا من سوريا وإيران الجمعة الماضية.

لماذا بريطانيا؟

يقول كريس هوجبن رئيس فريق العمل المعنِيّ بالجرائم المتعلقة بالهجرة المنظمة "إنفيجور"، الذي يعمل تحت قيادة الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (حكومية)، إنّ الفترة الأخيرة شهدت زيادةً كبيرةً في معدلات وصول إيرانيين إلى المملكة المتحدة عبر البحر هربًا من الضائقة الاقتصادية التي تمر بها طهران.

وخلال شهري نوفمبر الماضي وديسمبر الجاري، سعى أكثر من 220 مهاجرًا إلى عبور القناة في قوارب صغيرة.

ويضيف هوجبن أنّ هؤلاء المهاجرين ليسوا في حاجة إلى الهروب سرًا إلى المملكة المتحدة، بل ما يحتاجون إليه هو دخول المياه البريطانية وطلب المساعدة من جهات إنفاذ القانون.

وأكد أنه بمجرد أن يتم التقاطهم من قبل قوات حرس الحدود أو أجهزة الإنفاذ، يكون ذلك بمثابة نجاح لهم لأنّهم لن يعودوا إلى بلادهم.

ويوضح هذا المسؤول أنّ بلاده لا تُعيد الرعايا الإيرانيين الذين يصلون إليها بسبب سجل حقوق الإنسان السيئ في إيران، مؤكدًا في هذا الصدد أنّ الجنسية الإيرانية لمعظم المتورطين لها دلالة "مهمة بالفعل".

وبالنظر إلى الأرقام الخاصة بحركة الهجرة، يمكن القول إنّ إيران باتت منشأ معظم الأشخاص الذين يحاولون العبور إلى بريطانيا، كما أعلن مسؤولون في المملكة المتحدة، وهو ما فرض تحديًّا معقدًا لدى الحكومة هناك بسبب موقف لندن تجاه طهران لا سيّما بالنظر إلى الخطر الذي تشكّله على المجتمع الدولي.

ظنّت كانت وكالة مكافحة الجريمة- في بداية الأمر- أنّ عصابات تهريب البشر المتورطة في حالات العبور متمركزة بالكامل في فرنسا، لكنّ بالتعاون مع الجانب الفرنسي حدّدت الوكالة "علاقات" للمهربين في المملكة المتحدة، وأدّت هذه الجهود إلى اعتقال اثنين من مواطني المملكة المتحدة في فرنسا قبل أيام.

وقد أشادت وزيرة الهجرة البريطانية بالعمل المشترك "الفعال للغاية" مع باريس حول هذه القضية، مشيرةً إلى سجل السلطات الفرنسية في اعتقال وردع المهربين للتدليل على الجهد المبذول للتصدي لهذه القضية.

تكيكات الخداع

من أجل المرور سريعًا ودخول المياه البريطانية ومن ثمّ أراضيها، يلجأ المهربون إلى بعض سبل الخداع، أكثرها شيوعًا يتمثل في الادعاء بوجود أطفال على متن القارب وذلك بغية منحه أولويةً أكبر في محاولات الإنقاذ.

ويقول هوجبن: إنّ حالات عبور القوارب الصغيرة تجذب الانتباه بسبب المخاطر العالية المرتبطة بها، إلا أنّ أغلبية الجهود المبذولة لدخول المملكة المتحدة بطريقة غير شرعية ما زالت تتم بوسائل أخرى، مثل التهريب في الجزء الخلفي من الشاحنات.

الحكومة تتحرك

وزيرة الهجرة في بريطانيا كارولين نوكس أجرت زيارةً السبت الماضي إلى دوفر- بلدة سياحية تقع جنوب شرقي المملكة المتحدة- للتحدث إلى المسؤولين الرسميين المعنيين بمكافحة ارتفاع الأعداد.

وقالت نوكس: إنّ وزير الداخلية ساجد جافيد سيقطع عطلته مع العائلة، للعودة إلى المملكة المتحدة من أجل التعامل مع الموقف.

وصرحت بأنه من المهم أن تلتزم المملكة المتحدة بالاتفاقيات الدولية في التعامل مع الأزمة، لأن أرواح الناس معرضة للخطر.

وزير الداخلية من جانبه وصف هذا الأمر بـ"الحدث الكبير"، كما  طلب من قوات حرس الحدود الأخذ في الحسبان ما إذا كان نشر مزيد من السفن في القناة يمكن أن يساعد في الحد من المشكلة.

أسباب.. هاوية طهران 

يرجّح هوجبن- المسؤول عن مكافحة جرائم الهجرة- أنّ اقتصاد إيران الآخذ في التدهور هو سبب ارتفاع أعداد المهاجرين في الأشهر الأخيرة بشكل ملحوظ، لافتًا إلى تأثيرات كبيرة جرّاء العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب

برنامجها النووي.

وأشار إلى أنّ الآفاق الضعيفة للاقتصاد الإيراني تشجّع المهاجرين على الرحيل إلى أوروبا بشكل عام، والمملكة المتحدة بشكل خاص.

وتواجه إيران مشكلات أبعد وأعمق من العقوبات الأمريكية، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية التي قالت: "جزء من المشكلات قد يكون بسبب العقوبات الأمريكية، إلا أنّ التحدي الأكبر نتج عن سوء الإدارة المتفشي في البلاد الأمر الذي أدّى إلى خسارة عملة التومان الإيراني لأكثر من نصف قيمتها منذ أن انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وأعاد فرض العقوبات".

وحجبت العقوبات معظم الاستثمارات الأجنبية التي كان الرئيس حسن روحاني يرغب بجذبها من خلال عقد الاتفاق النووي والتقارب مع المجتمع الدولي، الباب الذي عوّل عليه النظام الإيراني للخروج من الضائقة الاقتصادية التي تواجه البلاد بسبب مشكلات الفساد واستحواذ الحرس الثوري على ميزانية البلاد. وفق الوكالة.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa