كشف استبيان حول صحة الأطفال، أن الصغار دون سن 12 عامًا يستخدمون الإنترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، لفترات طويلة، الأمر الذي يتطلب بقائهم في أمان طوال فترة استخدامهم للشبكة.
فالأمر لم يعد مرتبطا فقط بحماية المراهقين المتواجدين على وسائل التواصل الاجتماعي، بل بالأطفال الأصغر سنًا، في ظل عدم ثقة بعض الآباء من أن أطفالهم يمكنهم البقاء بأمان عبر الإنترنت.
وأظهر الاستبيان الوطني حول صحة الأطفال الذي أجرته مستشفى "سي.إس موت للأطفال (C.S. Mott Children's Hospital) ونُشر الاثنين، أنّ 50% من الأهل لأطفال تترواح أعمارهم بين 10 و12 سنة، و32% من الأهل لأطفال تترواح أعمارهم بين 7 و9 سنوات، قالوا إنّ أولادهم استخدموا تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، في الأشهر الستة الأول من هذه السنة، وفقا لـ«سي ان ان» عربية.
وقال موت بول المشرف المشارك مع سارة كلارك على هذا الاستبيان والباحث العلمي في طب الأطفال في جامعة متشيغان الأمريكية، في بيان، إنّ النقاش الدائر ما زال حول متى يُعتبر الوقت مبكرًا جدًا، حين يرتبط الأمر باستخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي، وكيف ينظر الأهل إلى هذا الأمر.
وأشار إلى أن الهدف من الاستبيان هو معرفة وتيرة استخدام الأطفال بين 10 و12 سنة، والأصغر سنّا منهم للمنصات الاجتماعية، والوقت الذي يمضونه، ومدى مراقبة الأهل عن كثب لتفاعلاتهم.
وأشارت النتائج التي تمّ التوصّل إليها، وفقًا لدكتورة جيني راديسكي، غير المشاركة في الاستبيان، وهي أستاذة مساعدة في طب النمو السلوكي لدى الأطفال في جامعة ميشيغان، التي تضم «مستشفى سي. إس. موت للأطفال» إلى أنّ ثمة دليلًا إضافيًا يشير إلى أنّ لدى الأطفال الذين هم دون سن 13 ربيعًا توق إلى استخدام منصّات التواصل الاجتماعي للعديد من الأسباب بينها الترفيه، ومتابعة أخبار النجوم، والتواصل مع الأصدقاء، أو حتى تصميم صفحاتهم الخاصة التي تعزّز المشاركة، وهي شائعة على هذه المواقع.
وعند أخذ القرار في شأن التطبيق الملائم للطفل، يأخذ أكثر من 60% من الأهل في الاعتبار عوامل عدّة، منها: إن كان هناك إمكانية ليخضع لمراقبة الأهل، وإن كان مناسبًا لعمر الطفل، أو يُعتبر حاجة متممة لتعليمه.
ويستخدم 51% إلى 66% من الأهل خاصيّة حظر دخول الأطفال إلى بعض المواقع، وشرط أن يعود إليهم قرار قبول طلب الصداقات الجديدة، والتحكم بإعدادات الخصوصيّة، ووضع أوقات محددة للاستخدام خلال النهار، فضلًا عن الحاجة إلى كلمة مفتاح للدخول إلى بعض المحتويات.
كما يثير قلق بعض الأهل قدرة أطفالهم على تصفّح تطبيقات التواصل الاجتماعي بأمان، أو أن يشارك طفلهم معلومات خاصة من دون أن يدرك ذلك، أو يلتقي بمتحرّش جنسي، أو يتعرّض لصور أو فيديوهات غير ملائمة لعمره، أو لا يملك القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة أو تلك الخاطئة.
وقرابة 50% من الأهل الذين يستخدم أطفالهم الوسائط الاجتماعية لم يكونوا واثقين من قدرة طفلهم على معرفة ما إذا كان المستخدم الآخر شخص بالغ أو طفل، وأنّ التمييز بينهما صعبٌ، وفق التقرير المنشور.
وجاء في تقرير الاستبيان أنّ قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت يتطلّب مشغّلي تطبيقات، وخدمات إنترنت أخرى تتيح للأهل مراقبة المعلومات الخاصة المنشورة من قبل أطفالهم. ويلفت التقرير إلى أنّ 17% من أهل الأطفال الذين يستخدمون تطبيقات التواصل الاجتماعي لم يستخدموا أي نوع من وسائل مراقبة الأهل، لأسباب عدة منها، عدم عثورهم على المعلومات التي يحتاجون إليها حتى يتمكّنوا من إجراء المراقبة، أو أنّ ذلك يستهلك الكثير من وقتهم، أو يرون أنّ عمليّة المراقبة مضيعة للوقت لأن الأطفال يجدون دومًا طرقًا ليتخطوا مراقبة الأهل.
وقالت كلارك المشاركة في الاستبيان، إنه "عندما يسمح الأهل لأطفالهم الصغار باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، عليهم تحمّل مسؤولية تهيئة بيئة افتراضية آمنة قدر المستطاع لهم"، ولا يهم إن كان ذلك متعبًا لهم. وأضافت: "إذا كان لا يستطيع الأهل الإضطلاع بدور فاعل خلال استخدام طفلهم للوسائط الاجتماعية، عليهم إذًا التمهّل بالسماح لهم باستخدام هذه التطبيقات".
وجاء في تقرير الاستبيان أيضًا، إذا كان في الإمكان تضمين هذه التطبيقات المستخدمة من قبل الأطفال نسخًا صديقة للطفل أو أقسامًا خاصة بهم. كما أنّ بعض التطبيقات المصمّمة خصيصًا للأطفال اليافعين حاولت التقليل من مخاطر السلامة من خلال الحد من استخدام بعض الخصائص، مثل نشر الصور، أو استخدام المحادثات الخاصة (Chats)، ومن خلال تقديم تقارير حول الاستخدام للأهل.
ونصحت كلارك الأهل الذين ينوون السماح لأطفالهم باستخدام بعض التطبيقات، بإجراء بحث عنها، أولًا. وأضافت أنّه "يتوجّب على الأهل التأكد من أن المضمون مصمّم للسماح فقط باستخدام البرامج الصديقة للشباب أو إذا كان هناك وسيط يتخلّص من المحتوى غير المناسب". وتابعت: "عليهم استخدام الحظر الخاص بالأهل، وكلمات المفاتيح لبعض المواقع أو المحتويات".
وتوصي راديسكي الأهل الذي يبحثون عن موارد لإدارة استخدام التواصل الاجتماعي من قبل الأطفال بزيارة دليل العمر المناسب للطفل على موقع منظمة "كومن سنس ميديا" المستقلة الهادفة إلى تعزيز الوسائط الآمنة للأطفال، حيث يقعون على تقارير لخبراء حول هذا الموضوع، وعلى الأبحاث والوسائل لمساعدة الأهل، والمدرسين والمناصرين بهدف ضمان صحة الأطفال الرقمية.
كما في وسع الأهل الاطلاع على معلومات جمّعها مؤلفو فيلم "سكرينآيجرز" (Screenagers)، الذي يمكن مشاهدته على مدونة الطبيب ديلاني روستن الأسبوعية، صانع الفيلم، وفقًا لراديسكي، التي أضافت أنّ المدونة "تستحق المتابعة" لاكتشاف وسائل للتحدث إلى الأطفال حول ما قد يبدو أحيانًا شائكًا وصعبًا إثارته مع المراهقين.
أما بالنسبة لكيفية تحدّث الأهل عن هواجسهم من الوسائط الاجتماعية بحيث تلقى صدًى لدى أطفالهم، تقترح راديسكي "التطرق إلى أخبار قد تلفت نظرهم مثل ملفات فايسبوك. إذ يريد الأطفال معرفة متى يستفيدون منها، وقد تؤدي هذه المواضيع إلى فتح نقاش حول متى تتجاوز شركات التكنولوجيا الحدود".
وقالت راديسكي إنها ستخبر أطفالها حين يبلغون العمر الذي يسمح لهم بفتح حسابات على الوسائط الاجتماعية، إن كان محتوى الصور الذي يتصفحونه على الانترنت غير ملائم، أو استغلالي، أو مزعج.
ونصحت راديسكي الأهل غير الواثقين من قدرة طفلهم على التمييز بين الحقيقة والمعلومة الخاطئة، على تشجيع أطفالهم على عدم الإجابة على رسائل مباشرة، أو تعليقات من قبل أشخاص لا يعرفونهم، حتى لو عرّف الآخر عن نفسه أنه طفل.
وأضافت: علموا أطفالكم أن يكون لديهم جرعة صحيّة من التشكيك عند النظر في حقل التوصيات الذي يؤخذ فيه حاليًا، لافتة إلى أن الأطفال يكتسبون هذه المهارات، لكنهم يحتاجون إلى دعم الأهل والأساتذة.
وخلص الاستبيان إلى أن التربية مهمة. فالأهل الذين تلقّى أطفالهم معرفة حول استخدام الوسائط بأمان في المدرسة، كانوا أكثر ثقة من قدرتهم على التمييز. وعليه من الضروري إدراج مادة محو أمية رقمية في المدرسة، وتضمينها ضمن منهج المواطنة الذي يمكن أخذه الى المنزل، ما قد يفتح الباب أمام إجراء محادثات مهمة بين الأهل والأطفال في هذا الشأن.
اقرأ أيضا: