كورسيكا.. لؤلؤة فرنسية في البحر المتوسط

جزيرة كورسيكا

جزيرة كورسيكا

تم النشر في

تعد جزيرة كورسيكا بمثابة لؤلؤة فرنسية في البحر المتوسط؛ حيث تزخر الجزيرة بالمناظر الطبيعية الخلابة وتمتاز بتنوع المظاهر الثقافية والكنوز التاريخية.

وتشتهر بيانا بأنها واحدة من أجمل القرى الفرنسية، وقد أطلق الإغريق قديما على هذه القرية اسم «الجميلة»، ومن خلال نظرة سريعة على الخريطة يكتشف المرء مدى روعة الحياة، التي ينعم بها 500 شخص في قرية بيانا، والتي تقع على الساحل الغربي لجزيرة كورسيكا، ويحيط بها أحد مواقع التراث العالمي، والذي يرتفع 450 مترا تقريبا فوق خليج بورتو.

اقرأ أيضاً
أبرزها مدينة الضباب.. هذه أهم 3 وجهات سياحية في المملكة
<div class="paragraphs"><p>جزيرة كورسيكا</p></div>

ويمكن للسياح الوصول إلى هذا الموقع عبر الطريق الزراعي المتعرج انطلاقا من منطقة أجاكسيو، كما يتأكد السياح من جمال وروعة القرية عندما يقودون السيارات المستأجرة عبر متاهة من الأزقة الضيقة، وتظهر أواني الأزهار على السلالم وعتبات النوافذ الحجرية غير المكسوة بالجبس، وتبدو قمم الجبال الخضراء من فوق أسطح المنازل المغطاة بالقراميد، ويكثر ظهور بعض السياح وهم يجلسون أمام المطاعم أو يتجولون وسط المتاجر بحثا عن جبن الأغنام.

المعجزة الطبيعية «كالانش»

وعلى مقربة من القرية الصغيرة تقع المعجزة الطبيعية «كالانش»، وهي عبارة عن مناظر طبيعية غريبة من صخور الجرانيت الأحمر؛ حيث شكلت العوامل الطبيعية الصخور بطريقة تشبه الوحوش والمخلوقات الأسطورية، وعندما يركز المرء النظر في هذه التكوينات الصخرية فإنه قد يلاحظ الطيور الجارحة أو التنانين أو أفواه السلاحف المفتوحة.

ونظرا لإقبال السياح على مشاهدة هذه المناظر الطبيعة تكون حركة المرور كثيفة على طريق البانوراما، الذي يمر عبر وسط منطقة كالانش، ويسير السياح عبر المنعطفات الشديدة على متن السيارات المستأجرة والموديلات القديمة وسيارات الكارافان، وتتوقف حركة السير تقريبا عند الوصول إلى الشريط الضيق عند سفح الصخور.

وينعم السياح بمشاهدة المناظر الطبيعية الصخرية بشكل أكثر استرخاءً من منصة المراقبة «شاليه ليس روشيه بلو»، وهناك العديد من مسارات التجول تبدأ من المنطقة القريبة من مطعم الجولات السياحية، وتمتاز هذه المسارات بإطلالتها البانورامية الساحرة.

مسار «لا شاتيجنيرا»

ويحمل أطول مسار من مسارات التجول اسم «لا شاتيجنيرا» ويمر عبر منطقة شديدة الانحدار تكسوها أشجار الصنوبر حتى يصل إلى غابة صغيرة من أشجار الكستناء، وتتدلى الفاكهة الناضجة من أشجار التوت الأحمر على طول الطريق، ولكن يبدو أن السياح لا يمكنهم تسلق المنحدرات الحادة، وعند الوصول إلى أعلى نقطة في الجولة تلوح أمام السياح كتلة متراصة وردية اللون، وهنا ينعم السياح بإطلالة رائعة على خليج بورتو.

وأشار المرشد السياحي إدجار إيبرل إلى أن السياح نادرا ما يشعرون بالوحدة على مسارات التجول الممهدة جيدا، وأضاف المرشد السياحي، الذي يعمل في كورسيكا منذ 11 عاما، قائلا: «هذه المنطقة مناسبة لجولات التنزه العائلية، بالإضافة إلى العديد من الجولات الرائعة في مسارات الرعاة، والتي لا تحمل أية علامات إرشادية ويوجد بها عدد أقل من الأشخاص».

ويبدأ مسار التجول من كشك على الطريق الزراعي حتى شاطئ «أرونه»؛ ولكنه سرعان ما ينحدر في غابات منخفضة الكثافة؛ حيث تتوهج أشجار العرعر والتوت الأحمر والمستكة باللون الذهبي تحت أشعة الشمس الساطعة، وكثيرا ما تتفرع المسارات الجانبية من المسار الرئيسي نحو حافة الجرف الصخري، وهنا ينعم السياح بإطلالة ساحرة على الجزر الصخرية المنتشرة في مياه البحر الفيروزية الرقراقة، ودائما ما تظهر القمة الصخرية «كابو روسو» مع برج المراقبة أمام السياح خلال الجولة السياحية.

ويعتبر الطريق المباشر لصعود القمة الجبلية هو أجمل جزء في مسار التجول، ويتدافع السياح فوق التلال بشكل رائع، ولا يمثل صعود القمة أي مشكلة للأشخاص أصحاب الخبرة في تسلق الجبال؛ حيث تمتاز صخور الجرانيت بأنها غير زلقة، وتنتشر بعض درجات السلم البسيطة، ودائما ما تشير أكوام الصخور المتراصة إلى طريق الصعود.

وبعد صعود الدرج الحلزوني يصل السياح إلى حافة الشرفة في البرج، الذي كان يتم استعماله ذات يوم من قبل حراس جنوة الإيطالية، وهنا قام المرشد السياحي إدجار إيبرل بفرد الحصيرة المطاطية مع نصب الموقد ووضع الزجاجات بجانبها، وبينما هو يقوم بتلك الأعمال انصرف السياح إلى التقاط الصور الفوتوغرافية قبل غروب الشمس، وسوف يقضون ليلتهم تحت النجوم أو في الطابق الأسفل في البرج إذا كانت الرياح غير مناسبة للنوم في العراء.

منحدرات سكاندولا

وتستمر متعة المشاهدة البانورامية في صباح اليوم التالي، حتى قبل النهوض من السرير؛ حيث تطل النافذة على منحدرات سكاندولا المتوهجة باللون الأحمر خلف الخليج، وتعتبر شبه الجزيرة بمثابة القلب النابض لموقع التراث العالمي، وعند الرغبة في مشاهدتها عن قرب فإنه يلزم ركوب القارب من ميناء بورتو، والذي يقع على مسافة 20 دقيقة بالسيارة ويضم أسطولا من القوارب السياحية بدءا من القوارب المريحة وحتى قوارب السباقات.

وقد وقع اختيار السياح على قارب مطاطي صلب أنيق بقوة 600 حصان، وخلال هذه الرحلة البرية ينتقل السياح إلى عالم لا ينتمي إلى الوقت الحاضر، ويضم هذا المشهد البديع صخور حمراء وتلال بالألوان متنوعة مثل الأخضر والأسود، والتي تبدو كأنها حمم بركانية صلبة، وأكد قبطان القارب أنها صخور بركانية؛ حيث اندفع الريوليت والبازلت والرخام السماقي في سلسلة انفجارات تحت الماء.

وتنتشر الشجيرات على القمم الصخرية والمنحدرات، كما تظهر أعشاش الطيور على الإبر الصخرية؛ حيث تعيش في شبه الجزيرة طيور الغاق والنورس وبعض الأنواع النادرة من العقاب النسري، والتي تخضع لحماية شديدة منذ 1975، وفي مياه البحر المتوسط يمكن العثور على أسماك الوقار وأبو سيف وثعابين سمك الموراي، وتمرح الدلافين بحرية في هذه المنطقة.

ويمر القارب أمام الأعمدة البازلتية المكدسة أفقيا، والتي ترجع لكاتدرائية سكاندولا؛ ويظهر أيضا كهف ترتفع جدرانه حتى 80 مترا، وخلال هذه الجولة ينشد قبطان القارب قصيدة باللغة الكورسيكية يتغنى خلالها بجمال الطبيعة في هذه الجزيرة الساحرة.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa