طور علماء، علاجًا جديدًا، يأملون من خلاله في أن يساعد أطفالًا ولدوا بداء التقزم على النمو.
ولا يزال العلاج قيد التجربة لكن العلماء يأملون أن يستطيعوا منع حدوث التعقيدات الطبية المرتبطة بالنمو الإشكالي.
ويقول العلماء الذين يقفون وراء العلاج أن الهدف منه تحسين الصحة لا زيادة الطول فقط. ويطال داء التقزم واحدًا من كل 25 ألف مولود.
وترتبط الظاهرة بخلل جيني يتسبب في إعاقة نمو عظام الأطراف وقاعدة الجمجمة. وفي الغالب تحدث ظاهرة التقزم بشكل عشوائي، لكنها قد تكون وراثية.
سام شورت البالغ من العمر تسعة أعوام من جنوب لندن يتلقى العلاج منذ ثلاثة أعوام في إطار تجربة للعلاج.
وكما هي حال بقية الأطفال الذين يعانون من التقزم فإن ساقي وذراعي سام قصيرتان، وأهم مصدر للقلق هو كيفية نمو عموده الفقري وساقيه مع تقدمه في العمر.
ويتقوس العمود الفقري لبعض الأطفال الذين يعانون من هذه الظاهرة المرضية وبعضهم يعاني من تقوس الساقين، وهذا يسبب مشاكل تعوقهم في المشي وأحيانا يتطلب الأمر جراحة لإصلاح تشكل العظام. وتأمل جنيفر أم الطفل سام، في أن يساعد العلاج الجديد سام في تجنب بعض تلك التعقيدات، قائلة «إن صحته جيدة، وواثق من نفسه».
الجري بسرعة
تقول الأم «هو أقصر كثيرًا من شقيقيه، هذا كل ما هنالك (..) شهدنا نتائج عظيمة بخصوص نموه، فقد نمت ساقه وأصبح بإمكانه العدو بشكل أسرع، والوصول إلى أشياء على أماكن أكثر ارتفاعًا، ونأمل أن يعني هذا أنه سيواجه عددا أقل من المشاكل الصحية عندما يكبر مما يواجهه الأطفال الذين يعانون من التقزم في العادة».
نما سام بمعدل 3 سم في السنة التي سبقت انضمامه إلى البرنامج العلاجي، ولكن في السنة التي أعقبت انضمامه نما 6 سم.
لاحظت العائلة والأصدقاء وزملاء الدراسة أن سام أصبح أطول وأنه يقف بشكل أكثر استقامة، وأن بإمكانه لعب كرة القدم لفترة أطول.
توري إنجلش
وتخضع توري إنجلش البالغة من العمر 12 سنة لنفس العلاج في أستراليا.وتقول والدتها، التي تعمل ممرضة، إن العائلة قررت السماح لتوري بالمشاركة في التجربة من أجل تحسين ظروف حياتها.
وتضيف الأم أنثيا «طول القامة هو أمر فرعي، لو كان الأمر يتعلق بالطول فقط لكان اهتمامنا أقل. نحن لسنا معنيين كثيرًا بمسألة الطول، نريد أن نجنبها المشاكل الصحية». وقالت العائلة إن ابنتهم وافقت على المشاركة في التجربة.
ويتكون البرنامج من حقنة يومية اسمها «فوسوريتايد»، تقف في طريق الإشارات التي يسيطر عليها العامل الوراثي المعطوب FGFR3. ويقول الباحثون إن نتائج التجارب حتى الآن واعدة.
والهدف الأساسي من التجربة التي يشارك بها 35 طفلًا هو اختبار درجة أمان العلاج والبحث عن أي أعراض جانبية خطيرة محتملة، وأظهرت النتائج الأخيرة أنها آمنة.
والهدف الثاني كان رؤية إلى أي مدى سينمو الأطفال، وقد تبين أن نموهم تسارع بمعدل أكبر منه قبل بدء العلاج.
لم تكن هناك أعراض جانبية سلبية، مما يعني أن المواظبة على استخدام العلاج ستؤدي إلى زيادة طول الطفل، حسب الباحثين، ولكن لم تتوفر بيانات حول ما إذا كان العلاج سيجنب الأطفال التعقيدات الناجمة عن النمو المحدود.
البعض قلقون من أنه في حال الموافقة على استخدام العلاج وترخيصه فإنه سيسهم في التعامل تجميليا مع مرض التقزم، وهو ما يعارضه الكثيرون ممن يطالهم الموضوع، بحسب «بي بي سي».
ويعبر جوزيف ستراموندو، البروفيسور المساعد في قسم الفلسفة في جامعة سان دييغو الذي يعاني من التقزم عن قلقه من أن الباحثين يضللون الآباء الخائفين حول أهداف هذه الدراسة.
هذه التجارب تقيس زيادة طول الأطفال المرضى فقط، لا تأثير العلاج الجديد على الأعراض السيئة، كما يقول.
المرحلة القادمة
ويقول بروفيسور رافي سافاريرايان من معهد أبحاث ميردوك في ملبورن «إن النتائج ليست تجميلية فقط. ما نحاول عمله هو رؤية ما إذا كان باستطاعتنا نجسين صحة ووظائف الأطفال الحيوية».
وقد انتقل مع زملاء له في مستشفى إيفالينا للأطفال في لندن ومعاهد أبحاث في فرنسا والولايات المتحدة إلى المرحلة التالية من الاختبارات، ويأملون أن يكون العلاج متاحا خلال سنوات قليلة إن كانت فعاليته كافية.
وعقدت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية التي ترخص الأدوية اجتماعا العام الماضي لتناقش العلاج الجديد. وخلصت إلى أن قياس مدى نمو الطفل خلال سنة بتأثير العلاج هو هدف أولي معقول للتجارب الطبية.