رغم ضعف الإمكانيات، وربما انعدامها في كثير من الأحيان، تنتهج دولة سيراليون وسيلةً ناجعةً؛ لمواصلة تعليم تلاميذ المدارس أثناء فترات العزل الصحي الذاتي في البيوت، بسبب تفشي وباء كورونا.
وتعاني الدولة الإفريقية الصغيرة المطلة على ساحل المحيط الأطلسي غربي القارة السمراء، من تصاعد وتيرة الإصابة بالفيروس؛ حيث أغلقت السلطات المدارس وألزمت التلاميذ بمواصلة الدراسة من المنزل، وذلك عبر بثّ المواد التعليمية لمختلف المراحل الدراسية من خلال موجات إذاعات الراديو.
ويبدو الحصول على خدمات إنترنت جيدة في سيراليون، أمرًا شبه خيالي، فيما أن إمكانيات السكان وبخاصة في المناطق الريفية والفقيرة الممتدة في مختلف أرجاء البلاد، تكاد تكون معدومة، بما يجعل من فكرة استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة للتعليم عن بُعد في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلًا.
وحسب تحقيق مصور لمجلة دير شبيجل الألمانية، تبث الحكومة برنامج التدريس الإذاعي بالتعاون مع منظمات الإغاثة منذ أوائل أبريل الماضي. ويبدأ الدرس الأول كل يوم من أيام الأسبوع الساعة 10 صباحًا. بينما يتناوب ما مجموعه 41 معلمًا أمام الميكروفون في الأستوديو، حيث يقدمون خدماتهم لنحو 2.6 مليون تلميذ، في محاولة لتعويض بعض الدروس المفقودة، بسبب أزمة كورونا.
ويعيش العديد من الأطفال في سيراليون في المناطق الريفية بدون أجهزة كمبيوتر أو أي وسيلة للوصول إلى الشبكة المعلوماتية، ليصبح الراديو هو الوسيط الوحيد القادر على الوصول إلى معظم الناس.
وتقدر المنظمات الإغاثية أن حوالي 80% من السكان في سيراليون يحتاجون مساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وهذه هي المرة الثانية التي تلجأ فيها سيراليون إلى حل الراديو للتعليم عن بعد. فالمرة الأولى كانت في العام 2014، إبان تفشي وباء الإيبولا.
وفقًا لمنظمة اليونسكو، فإنَّ أكثر من 90% من أطفال المدارس في جميع أنحاء العالم يعانون من إغلاق المدارس. لكن لا يواجه جميعهم نفس المشاكل. وتقدر منظمة إنقاذ الطفولة أن هناك 120 مليون طفل خارج المدرسة في إفريقيا.
وفي مناطق إفريقيا جنوب الصحراء، وقبل تفشي فيروس كورونا، تمّ تسجيل أكبر عدد من المتسربين من التعليم حول العالم.
وعلى الرغم من وجود مدارس جيدة وجامعات للصفوة في بعض البلدان في إفريقيا، إلا أنه غالبًا ما يكون من الصعب تسيير الحياة المدرسية اليومية في البلدان التي تعاني من الحروب والصراعات، وهو ما عنت منه مرارًا سيراليون التي طالما وجدت صعوبة في التعافي من الحرب الأهلية والإيبولا.
تخشى العديد من الحكومات والمنظمات غير الحكومية من أن الجهود المضنية لتمكين المزيد من الفتيات والفتيان من الذهاب إلى المدرسة كل يوم في البلدان الإفريقية وبخاصة في سيراليون، مهددة الآن بسبب أسابيع من إغلاق المدارس خلال أزمة كورونا..
ونقلت شبيجل عن إدوارد ديفيس من برنامج الشراكة العالمية من أجل التعليم، وهو منصة تمويل تعزز أنظمة التعليم في البلدان النامية، إنه «مع مرور كل أسبوع ، هناك خطر متزايد من أنه عند إعادة فتح المدارس، سيعود عدد أقل من الأطفال إلى الفصل الدراسي». كما يدعم البرنامج الإذاعي لليونيسف في سيراليون. «نحن بحاجة للتأكد من استمرار التعلم وحماية الأطفال».