حلَّلت الباحثة بعلم الاجتماع منال عبدالرحمن الغفيص، أسباب إقبال مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على نشر ذكرياتهم، خلال فترة الحجر المنزلي المطبقة ضمن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وقالت باحثة الدكتوراه بجامعة القصيم، إنه مع تطبيق الحجر المنزلي للحد من انتشار فيروس كورونا، والإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي للتخلص من الملل، يعتبر الحجر فرصة ثمينة لتعلم مهارات جديدة والتقرب من العائلة والأصدقاء ومشاركتهم ذكريات السفر والصور القديمة.
وحول نشر الذكريات، قالت الغفيض، إن يكسر الروتين اليومي فأروع لحظات الإنسان هي كميات الدوبامين المعروف باسم هرمون "السعادة" التي تُضخ في عروقه كل مرة نحصل فيها على إعجاب أو تعليق في وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا في هذه الفترة الحرجة التي يشعر فيها الإنسان أنه وحيد معزول عن العالم، مما يُشعره بأنه جذاب، وناجح ويقوم بأعمال جيدة ويعد ذلك مبادرة لتجنب الملل ونشر بعض الإيجابية، كما يعطي دفعةً للآخرين لإعادة مشاهدة سفرياتهم ومشاركة ذكرياتهم ولحظاتهم المميزة، لأن حوالي 56٪ منا يشعرون بسعادة عند مشاهدتهم لشريط فيديو فيه سفرياته القديمة، وما يقارب الـ 30٪ رأوا ذلك يوفر الشعور بالاسترخاء، وفق إحدى الدراسات.
ولفتت إلى أنه رغم افتقاد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للمحتوي، إلا أن إدمان تلك المواقع دفعهم للبحث وإيجاد طرق للحفاظ على تدفق محتوى حساباتهم، فظهر نشر التغريدات والمنشورات تحت هاشتاق #Throwback، لنشر صور من الأرشيف، ليس لمجرد قضاء للوقت بل أصبح النشر آلية يومية، تلتها المشاركة في تحدي #MeAt20 (وهو هاشتاق لمشاركة الناس الصور وهم في عمر العشرين)، مما يحدث تأثير كبير على الإنسان، لذلك ليس مفاجأة انفجار هذا النوع من التحديات كمحاولة للمحافظة على الصحة النفسية حاليًا.
واستشهدت الغفيص بدراسة جديدة أثبتت أن مشاهدة الذكريات والصور القديمة تعطي شعورًا بالسعادة، حيث أفاد ثلث المشاركين بشعورهم براحة أكبر في الواقع، وأن النظر إليها منحهم استرخاء أفضل من ممارسه تمارين التأمل أو الاستماع إلى ملفات البودكاست الصوتية، حيث تشير إحدى الكاتبات بأن ذلك منحها التفاؤل بشأن المستقبل خلال هذه الفترة الحرجة؛ مما يجعل الشعور بالحياة أجمل وأزال الهموم، وحسن المزاج، لافتة إلى أن الكثير من المشاهير وباقي أفرد المجتمع شاركوا زملاءهم وعائلاتهم شريط ذكرياتهم السابقة إمّا في فترة مراهقتهم أو طفولتهما وحفلاتهم وحتى ذكرياتهم المميزة أو القيام بأمر مشابه بنشره يومياته في الحجر المنزلي حتى يتأكد الالتزام به.
وقالت الغفيص إن هناك دراسات استهدفت أسباب نشر الذكريات التي يراها المختص بعلم النفس السلوكي جو هيمينغز شكلًا من أشكال الاعتناء بالنفس وإنعاش الذاكرة و يُحفز المشاعر الإيجابية كالفرح، الحب، والبهجة ويعزز من قوة ذاكرتنا وعلاقاتنا مع الآخرين، وأن "اندماج هذه المشاعر يحفز الأوكسيتوسين، الهرمون الذي يُعزز مشاعر الحب والترابط، مضيفة أن الحجر المنزلي وفر فرصة جديدة لمشاهدة سجل كاميراتنا وإنعاش ذكرياتنا المميزة، الصور المُلتقطة عن طريق الصدفة أو اللحظات غير المهمة التي تجاهلناها أصبحت فجأة ذات أهمية ومليئة بالتفاصيل المُفرحة، فنشعر وكأننا نعيش تلك اللحظات مرة أخرى، واختتمت بأن إنشاء الذكريات في أي فيديو على مواقع التواصل بات من المسلمات خصوصًا هذه الفترة؛ نظرًا لأن جميع الفئات تشارك فيه، فهي تخلق مجالًا للإبداع عند البعض وتجعل البعض الآخر يشعر بالاطمئنان عند معرفة أن حتى المشاهير يقضون مُعظم الوقت في منازلهم مثلهم.
اقرأ أيضًا