ترتبط التغذية الجيدة بتحسن الحالة المزاجية، وحسب الخبراء فإن العلاقة بين النظام الغذائي وخطر الإصابة بالاكتئاب المزمن واضحة، حيث تدعم نتائج الأبحاث فكرة مفادها أن أوجه القصور في بعض العناصر الغذائية تزيد من خطر المزاج المكتئب، بما في ذلك بعض فيتامينات ب، أحماض أوميجا 3 الدهنية، فيتامين د، الزنك، والمغنيسيوم.
وقد تكون الأطعمة الغنية بفيتامينات ب، وخاصة الفولات والبيريدوكسين ب 6 والميثيل كوبالامين ب 12 فعالة بشكل خاص ضد المزاج المكتئب، وتشمل الأطعمة الغنية بفيتامينات ب الحبوب الكاملة والخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة، كما أن فيتامينات ب هي عوامل مشتركة في الإنزيم تسهل تخليق الناقلات العصبية التي تساهم في تنظيم الحالة المزاجية، مثل السيروتونين والدوبامين والإيبينيفرين.
وقد تؤدي بعض العناصر الغذائية مثل الزنك والمغنيسيوم وأحماض أوميجا 3 الدهنية إلى زيادة تخليق العامل الذي يعزز المرونة العصبية، ما يؤدي إلى زيادة مرونة المخ في مواجهة الإجهاد، ما قد يؤدي بدوره إلى تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب، ومن المعروف أن أوميجا 3 وبعض فيتامينات ب لها أدوار مهمة مضادة للالتهابات والعصبية، والتي قد تسهم أيضًا بفوائدها المضادة للاكتئاب، وهناك أدلة ناشئة على أن الميكروبيوم الذي يتكون من الكائنات الحية الدقيقة التي تملأ الأمعاء، قد يسهم في الصحة البدنية والعقلية العامة من خلال مجموعة متنوعة من الآليات، والتي قد يؤثر بعضها على الناقلات العصبية والجزيئات الالتهابية المتورطة في تنظيم المزاج.
وتشير الدراسات إلى أن الأفراد الذين يستهلكون أطعمة كاملة (على عكس الأطعمة المصنعة والوجبات الغذائية السريعة)، قد قللوا من خطر الإصابة بالمزاج المكتئب، وعلى سبيل المثال فإن الأفراد الذين يلتزمون بشكل كبير بنظام غذائي متوسطي، وكذلك الوجبات الغنية بالخضراوات والأسماك، يقل لديهم خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 30 في المئة مقارنة بأولئك الذين لديهم أقل معدل من الالتزام بحمية البحر الأبيض المتوسط.
كما أن هناك علاقة عكسية بين خطر الاكتئاب المزاجي واستهلاك زيت السمك، وتتميز البلدان التي تعد فيها الأسماك جزءًا مهمًّا من النظام الغذائي المتوسط بمعدلات أقل بكثير من المزاج المكتئب، وعلى سبيل المثال في اليابان حيث يكون استهلاك الأسماك مرتفعًا للغاية، يعاني 0.12 في المئة فقط من السكان من مزاج مكتئب، وفي المقابل فإن النيوزيلنديين الذين يستهلكون القليل من الأسماك نسبيًّا، يبلغون عن معدل اكتئاب سنوي يبلغ 6 في المئة.
وقد حددت المراجعة المنهجية لعام 2018 أثنى عشر عنصرًا غذائيًّا تفي بمعايير فعالية كمضادات للاكتئاب: حمض الفوليك، الحديد، أحماض أوميجا 3 الدهنية، المغنيسيوم، البوتاسيوم، السيلينيوم، الثيامين، فيتامين ب، فيتامين ب6، فيتامين ب12، فيتامين سي، الزنك.
وباستخدام قاعدة بيانات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وعدد من الدراسات تم تحديد الأطعمة التي تحتوي على أعلى محتوى في واحد على الأقل من هذه المواد الغذائية، وكانت الأطعمة التي تحتوي على أعلى التصنيفات كمضادّة للاكتئاب: المحار وبلح البحر والمأكولات البحرية الأخرى واللحوم العضوية والخضر الورقية والخس والفلفل وخضراوات مثل البروكلي والقرنبيط والكرنب، وحسب الخبراء فإنه يجب تشجيع الأفراد الذين يعانون من مزاج مكتئب على تحسين وجباتهم الغذائية، لضمان الاستهلاك الكافي من هذه الأطعمة الكاملة والغنية بالعناصر المغذية التي تعزز وظائف الدماغ مع تأثيرها المضاد للاكتئاب.