يتفق جميع الخبراء تقريباً على أن الفحص هو خطوة أولى مهمة في الكشف عن سرطانات الثدي وعلاجها في وقت مبكر، حتى وإن استمر بعض الجدل حول متى يجب على النساء الذهاب للحصول على تصوير الأشعة السينية.
وحسب الخبراء بالنسبة لبعض النساء لن يكون ذلك الإجراء كافياً، حيث تظهر بعض الدراسات أن نحو 40 في المائة من النساء المصابات بأنسجة كثيفة للثدي، وهناك 10 في المائة مصابات بأنسجة كثيفة للغاية، ما يصعب اكتشاف الخلايا السرطانية.
يحدث هذا لأن الأنسجة الكثيفة يمكن أن تحجب نمواً صغيراً، بالإضافة إلى أن أنسجة الثدي الكثيفة نفسها تعتبر عامل خطر للإصابة بالسرطان، ولذلك كان هناك نقاش بين الخبراء حول ما إذا كان يجب على هؤلاء النساء إجراء فحص إضافي، بالإضافة إلى التصوير بالأشعة السينية.
وتوفر دراسة جديدة نشرت في مجلة نيو إنجلند الطبية أقوى البيانات حتى الآن، لدعم إضافة فحص التصوير بالرنين المغناطيسي إلى تصوير الثدي بالأشعة السينية للنساء ذوات الأنسجة الكثيفة للغاية.
وحسب الباحثون قارنت الدراسات السابقة معدلات الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللواتي يحصلن على تصوير الثدي بالأشعة السينية بمفردها، مع معدلات الإصابة لمن يحصلن على التصوير بالأشعة السينية والرنين المغناطيسي.
لكن لم يكن واضحاً أن السرطانات المحددة هنا كانت بالفعل سرطاناً أم لا، ذلك لأن بعض أنواع سرطان الثدي هي ما يعتبره الخبراء مرحلة ما قبل السرطان، والمعروفة باسم سرطان الأقنية في الموقع، مما يعني أنها قد لا تنمو أو تتطور إلى مرض.
وقد أدى ذلك ببعض الأطباء إلى القلق بشأن التشخيص المفرط المحتمل لسرطان الثدي، والذي قد يؤدي إلى الإفراط في علاج الآفات التي قد لا تتطور أبداً إلى أورام، وبالتالي خلصت هذه الدراسات إلى أنه لا توجد أدلة كافية لإسداء المشورة للنساء حول فوائد أو أضرار، إضافة اختبارات سرطان الثدي الأخرى فوق تصوير الثدي بالأشعة السينية.
وفي الدراسة الجديدة حاول فريق البحث في المركز الطبي بجامعة أوتريخت، معالجة هذا القلق من خلال التركيز على عدد السرطانات الفعلية التي يمكن لمزيج من تصوير الثدي بالأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي أن يساعد في اكتشاف النساء المصابات بأنسجة الثدي الكثيفة، والاستفادة من حقيقة أن هولندا لديها سجل وطني للسرطان يشمل حوالي 99 في المائة من جميع التشخيصات في البلاد.
لذا، فقد درس الباحثون أكثر من 40 ألف حالة من الأنسجة الكثيفة للغاية، تم تعيينهن بشكل عشوائي للفحص مع التصوير الإشعاعي وحده، أو مع التصوير الإشعاعي والمغناطيسي.
كما تم فحص كل امرأة في الدراسة مرة واحدة خلال فترة الدراسة الممتدة لعامين، وقاموا بتحليل عدد السرطانات الغازية التي تم اكتشافها بين الفحوصات، كمقياس لمدى فعالية التصوير بالرنين المغناطيسي في اكتشاف ما يسميه الباحثون بسرطانات الفاصل، وهي تلك التي تم تشخيصها بعد التصوير الإشعاعي السلبي والتصوير التالي، فوجدوا أن معدل هذه السرطانات لدى النساء اللائي يحصلن على كلا النوعين من التصوير هو 2.5 لكل 1000، مقارنة مع 5 لكل 1000 حصول على تصوير بالأشعة السينية فقط.
والفكرة هي أن إضافة صور الماموجرام مع التصوير بالرنين المغناطيسي في الفحص الأولي، أدى إلى اكتشاف مبكر للأورام التي فقدت في التصوير الإشعاعي للثدي، والتي ساهمت بدورها في خفض معدلات الإصابة بالسرطان أثناء الفحص الثاني، لأنه من المفترض أن يتعامل الأطباء مع أي نمو مشبوه إذا ظهر.
ولا تؤكد البيانات أن الجمع بين تصوير الثدي بالأشعة السينية والرنين المغناطيسي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض عدد الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي، ولكن توثيق انخفاض السرطان الذي تم اكتشافه بين الفحوصات يعد خطوة أولى مهمة لإظهار قيمة التصوير بالرنين المغناطيسي التكميلي للنساء ذوات الأنسجة الكثيفة للغاية، كما أنه يدعم المنطق وراء القانون الذي تم إقراره في وقت سابق من هذا العام في الولايات المتحدة، والذي يشترط أن تتضمن تقارير تصوير الماموجرام تقييماً لكثافة أنسجة الثدي لدى النساء، إلى جانب شرح للسبب الذي قد يجعل تفسير نتائج تصوير الماموجرام أكثر صعوبة.
وحسب الباحثون فإن نتائج دراستهم ليست قوية بما فيه الكفاية حتى الآن ليوصوا جميع النساء اللائي لديهن أنسجة ثدي كثيفة وكثيفة للغاية ليكون الرنين على رأس هذه الفحوصات، كما أنه لا يزال هناك تحديات تتمثل في خفض معدلات الخطأ بالرنين، مع تدريب أخصائيي الأشعة ليكونوا أكثر مهارة في قراءة الأنسجة الكثيفة، وربما يمكن تطبيق بعض التكنولوجيا لالتقاط التغييرات الطفيفة التي لا تستطيع حتى عيون الإنسان الأكثر تدريباً أن تلاحظها، ومع ذلك إذا أكدت الدراسات طويلة الأجل أن إضافة صور الماموجرام مع التصوير بالرنين المغناطيسي يمكن أن تخفض معدلات الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي، فقد يدفع الخبراء إلى تغيير المبادئ التوجيهية.