«AFM».. مرض غامض يسميه البعض «شلل الأطفال» الجديد

التهاب النخاع الرخو الحاد..
«AFM».. مرض غامض يسميه البعض «شلل الأطفال» الجديد
تم النشر في

منذ عام 2012 وحتى الآن، هناك مرض غامض أطلق عليه البعض «شلل الأطفال الجديد»، وحتى عام 2014 لم يكن لهذا المرض اسم مقبول رسميًا، وكان أحد الأسماء المقترحة يتمثل في وصف سريري للمرض، وهو التهاب النخاع الرخو الحاد المعروف اختصارًا باسم AFM، وتم وصفه بأنه التهاب مفاجئ في الأنسجة الشوكية، يؤدي إلى شلل رخو في عضلات الأطراف، والعنق والوجه، وغالبًا الحجاب الحاجز، وهو يُشبه إلى حد كبير شلل الأطفال، ولكنه ليس شلل الأطفال، كما يُشبه إلى حد ما التهاب السحايا ومتلازمة جيلان باري؛ لكنه ليس كذلك.

لا أحد يعرف بالضبط حقيقة هذا المرض الذي يظل نادرًا، ففي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تم تتبعه عن كثب؛ فوجدوا أنه يصيب أقل من شخص واحد من بين كل مليون شخص حتى في سنوات الذروة، ونادرًا ما يؤدي للوفاة، ولكن في الأعوام السبعة الماضية، كان الأمر أكثر إثارةً وأدى إلى المزيد من حالات الوفاة، ومن ثمَّ فقد لفت الانتباه لتحديد متى ينشط؛ حيث اتضح أنه موسمي وعلى عكس شلل الأطفال، فإنه يصل في أواخر الصيف إلى منتصف الخريف، وليس في فصلي الربيع والصيف، وعلى عكس شلل الأطفال أيضًا، يبلغ ذروته في السنوات الزوجية.

وتم تشخيص حالات تفشٍ متقطعة من AFM بأثر رجعي في الولايات المتحدة من 2005 إلى 2012، وفي عام 2014 كانت هناك 120 حالة مؤكدة، وفي عام 2015 انخفض المجموع إلى 22 حالة، وارتفع مرة أخرى في عام 2016 إلى 149 حالة، وانخفض مرة أخرى في عام 2017 إلى 35 حالة، وارتفع مرة أخرى في العام الماضي إلى 201 حالة، وحتى الآن في عام 2019 كانت هناك 20 حالة، والآن ومع اقتراب السنة الزوجية هناك شعور متزايد بالتهديد عام 2020، ثم 2022 و2024، ثم إلى المستقبل، إلا إذا تمكَّن العلم من التعامل مع المرض بسرعة.

وكما هو الحال مع شلل الأطفال أيضًا، فقد تعبأ المجتمع الطبي في الثلاثينيات من القرن الماضي وحتى الخمسينيات منه، لتطوير نسختين مختلفتين من لقاح شلل الأطفال، وهذه المرة تعد المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها لمواجهة ذلك؛ حيث شكلت في الخريف الماضي فرقة عمل تتألف من 17 إخصائيًا في علم الأوبئة وأطباء الأعصاب وأطباء الأطفال، وغيرهم من الخبراء من المستشفيات التعليمية والإدارات الصحية، وكذلك من معاهد الصحة القومية ومؤسسة بيل وميليندا جيتس، وعقدت فرقة العمل اجتماعها الأول في ديسمبر الماضي في مقر مركز السيطرة على الأمراض في أتلانتا، ومن الأمور العاجلة تحديد لماذا تزداد قوة وقسوة المرض، فحتى وقت قريب من عام 2014 كان متوسط ​​عمر الضحايا سبع سنوات، ثم انخفض إلى خمس، والآن أصبح أربع سنوات.

وتختلف مراحل الإصابة من طفل لآخر، ولكنها تؤدي في النهاية لنفس النتائج، ضعف ففشل ثم شلل في العضلات، وانتشار الشلل في جميع أنحاء الجسم من أسفل الرقبة، بما في ذلك البلع، الحجاب الحاجز، التنفس، البطن، حركة الذراعين والقدمين، ولكن التحدي لا يزال يتمثل في التشخيص، الذي قد يخلط بينه وبين الحمى والشلل واختلال كرت الدم البيضاء، أو حتى مجرد التعب العابر، ففي العديد من الحالات لا يأتي التشخيص الصحيح حتى يبدأ الشلل التام، ويقوم الأطباء أخيرًا بإجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للحبل الشوكي؛ بحثًا عن آفة أو بعض التفسيرات الموضعية الأخرى، وعند هذه النقطة يمكن أن يكون حجم المرض قد تطوَّر بشكل مذهل، لدرجة عدم التمكّن من التمييز بين المادة الرمادية، والمادة البيضاء في الحبل الشوكي.

وعلى الرغم من أن الخبراء لديهم سبب وجيه للاعتقاد بأنه مرض فيروسي، من حيث الطريقة التي يصيب بها؛ لكن الحصبة وشلل الأطفال وجدري الماء والحصبة الألمانية، وغيرها من الأمراض الفيروسية المعدية، التي تصيب الأطفال مختلفة تمامًا؛ لأنها جميعًا ناتجة عن فيروس يمكن اكتشافه في الدم وتحييده بالتطعيم، بينما هذا المرض أكثر ضبابية، ويعتقد أنه يرتبط بفيروسين على الأقل من الفيروسات المعوية، وهناك المئات منها بما في ذلك شلل الأطفال والإنفلونزا.

وحتى لو اتضح أن الفيروسين المعديين يتحملان المسؤولية، فلا أحد يعرف بالضبط كيف يتسببان في أضرارهما، فبينما يهاجم فيروس شلل الأطفال خلايا القرن البطني مباشرة في العمود الفقري، فإنه من غير الواضح تمامًا ما تفعله فيروسات هذا المرض بالجهاز العصبي المركزي، وقد يكون أفضل تشبيه (جيلين باري) وهو التهاب بالجهاز العصبي المحيطي ينتج عادة عن اختلال في الجهاز المناعي، بعد الإصابة بفيروس في المعدة أو الجهاز التنفسي.

ومن المتوقع أن يشير ذكر جيلين باري إلى التحدث عن مضادات اللقاح؛ حيث لوحظ حدوث زيادة طفيفة في خطر الإصابة بالمرض بين الأشخاص، الذين يتلقون لقاح الإنفلونزا كحالة أو حالتين لكل مليون لقاح، بينما يشدد مركز السيطرة على الأمراض أنه لا يوجد دليل على الإطلاق على أي صلة بين AFM وأي لقاح، ولكنه بالرغم من ذلك يقوم بالتحقيق في أي صلة محتملة؛ نظرًا لوجود بعض التعقيد.

وما يزعج مركز السيطرة، هو احتمال أن يواجه المجتمع الطبي موجة من الحالات قبل أن يتعرف بشكل كافٍ على هذا المرض، كما حدث من قبل في شلل الأطفال؛ حيث كانت أولى حالات الانتشار الموثقة: أربع حالات في المملكة المتحدة في عام 1835، وعشر في لويزيانا عام 1835، وفي عام 1894 حدث تفشٍ كبير بفيرمونت، عندما مرض 132 طفلًا وبعد ذلك انفجر المرض، وكان هناك وباء بنحو 27 ألف حالة في الولايات المتحدة عام 1916، وفي السنوات التالية كان هناك الآلاف وأحيانًا عشرات الآلاف من الحالات، ومع الذروة عام 1952 تم تسجيل 57879 إصابة بشلل الأطفال؛ إلى أن تمت الموافقة على لقاح شلل الأطفال الأول.

وإذا كان هناك تشابه بين AFM وشلل الأطفال، فهناك اختلافات كبيرة في التكهنات، فقد بدا شلل الأطفال دائمًا ومفاجئًا، بينما يمكن لمرضى AFM استعادة الكثير من وظائفهم، والوصول إلى مجموعة أفضل بكثير من المساعدات الاصطناعية وبرامج العلاج الطبيعي الأكثر شمولًا، التي يمكن أن تؤدى إلى التحسن حتى وإن كان بطيئًا.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa