جراحة «الدماغ المستيقظة».. ثورة تحدّ من «الأخطاء الطبية»

نجاحها اللافت جعلها الأكثر شيوعًا مؤخرًا..
جراحة «الدماغ المستيقظة».. ثورة تحدّ من «الأخطاء الطبية»

أصبحت جراحة الدماغ المستيقظة إجراءً أكثر شيوعًا للأطباء في السنوات الأخيرة، نظرًا لنجاحها اللافت في تحقيق هدف مزدوج، يتمثّل في إنجاح التدخل الجراحي دون إحداث أي مشكلات لقدرات المريض العقلية والمعرفية، كما كان يحدث في بعض أنواع الجراحات الأخرى.

وفي هذه النوعية من الجراحات الدقيقة في الدماغ، والتى تستخدم الآن بشكل خاصّ أثناء إزالة الأورام أو الكتل المتشابكة من الأوعية الدموية المسببة لبعض المشكلات، كإضعاف بعض القدرات المعرفية أو الحركية أو التسبب في النوبات، يخضع المرضى للجراحة أثناء الاستيقاظ، وذلك لملاحظة أى تغير قد يحدث للمريض وقدراته العقلية والمعرفية أثناء اتخاذ الجرّاح لقراراته في غرفة العمليات.

وفي بداية العملية، يوضع المريض تحت التخدير حتى يتمكن الأطباء من قطع الجمجمة للوصول إلى الدماغ، وبمجرد وصولهم إلى الدماغ يتم إيقاظ المريض، حتى يتمكن من التحدّث والإجابة على الأسئلة، ومساعدة الأطباء على رسم خريطة الدماغ من خلال هذه الإجابات والردود.

وأثناء الجراحة، يعرض الأطباء على المريض مجموعة غير معقدة من الأرقام والألوان والحيوانات وغيرها من الأشياء على جهاز آيباد مثلًا للتعرف عليها، وحسب الخبراء إذا كان المريض قادرًا على تحديد ما هو موجود على الجهاز، فسيعرف الجراحون أي مناطق الدماغ تبدو على ما يرام، وأن عملهم يتم بشكل جيّد، أما إذا ارتكب المريض خطأ في الإجابة، فسيعرف الجراحون أن عليهم تجنّب هذه المجالات التي يعملون بها.

وحسب الأطباء، فإن هذه الطريقة تجعلهم على معرفة أكثر وضوحًا بمسالكهم في هذه الطرقات الدقيقة في أدمغة، وتوفّر نظام تتبع للعقل مثلما هو الحال بنظام الجي بي إس لرسم خرائط واضحة للعقل داخل غرفة العمليات، فهم بحاجة هنا إلى معرفة أين هي الأماكن التي يريدون تجنّبها، وأين هي الأماكن الآمنة للذهاب، فأي حركات صغيرة يجريها الجراح حتى وإن كانت ملليمترًا إلى اليسار أو ملليمترًا إلى اليمين، يمكن أن تؤثر على أداء ومعرفة المريض.

ولذلك إذا شاهدت إحدى هذه العمليات فليس من الغريب أن تستمع إلى بعض التكرارات والتسلسلات الكلامية من المريض، كأن يردد إجابات يمكن سماعها بوضوح لما يشاهده من أسئلة على النحو التالى: عشرون، موز، اثنين، برتقالي، بينما يكرر الأطباء بعض التسلسلات، ويكرر المريض الكلمات نفسها للتأكد من أن لديهم كل المعلومات التي يحتاجون إليها لرسم خريطة الدماغ بشكل صحيح واتخاذ الإجراء المناسب لكل حالة ولكل خريطة على حدة.

وبالرغم من أن مثل هذه العمليات الدقيقة والمعقدة غير معروفة لكثيرين، ولم يشاهدها أو يتعرف على تفاصيلها غير الأطباء والجراحين المتخصصين، كما لم يبث لها أي فيديوهات حية من غرفة العمليات من قبل، إلا أن الآلاف في ولاية تكساس الأمريكية استطاعوا ذلك مؤخرًا، عندما خضعت جينا شاردت البالغة من العمر 25 عامًا لإحدى هذه العمليات في المخ أثناء الاستيقاظ، خلال بث حي على فيسبوك من مركز ميثوديست دالاس الطبي.

العملية تمت لإزالة كتلة من الأوعية الدموية المتشابكة في دماغ شاردت، التي أضعفت خطابها وتسببت في نوبات، وقد حقّق البث حوالي 93 ألف مشاهدة، وقالت شاردت، التي تدرس لتكون طبيبة، إنها سمحت بالبث لمساعدة الآخرين الذين قد يضطرون إلى إجراء عملية مماثلة، وبعد ساعات قليلة من إجراء الجراحة، قال المستشفى إن شاردت تُبلي بلاء حسنًا مع والديها.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa