نشرت مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم -مؤخرًا- نتائج دراسة مثيرة، جاءت بمثابة ثمرة لبحث مشترك استمر لمدة ثلاثة عقود مضت، بين باحثين في كل من كلية الطب بجامعة بوسطن وكلية هارفارد الطبية والمركز الوطني في بوسطن، تقول إن النساء والرجال الذين لديهم قدر أكبر من التفاؤل يميلون إلى العيش لفترة أطول من أقرانهم المتشائمين، كما تحدد الدراسة ارتباطًا قويًّا وليس سببيًّا بين التفاؤل وطول العمر الاستثنائي (85 عامًا أو أكبر).
وقد شملت هذه الدراسة أكثر من 70 ألف مشارك، أكملوا استطلاعًا لقياس مستويات التفاؤل والصحة العامة وعادات نمط الحياة، كالتدخين وتعاطي المخدرات والنظام الغذائي، وكان أحد أهداف هذا البحث هو تحديد العوامل النفسية والاجتماعية التي تعزز الشيخوخة المرنة خلال فترة العمر، وعلى مدار ثلاثة عقود قام الباحثون بتقييم التفاؤل والتشاؤم بعدة مقاييس نفسية معروفة، وفي المتوسط كان لدى الرجال والنساء الأكثر تفاؤلًا في الدراسة احتمالات أكبر لبلوغ سن 85 عامًا، بنسبة بين 50 و70 بالمئة من المشاركين الأقل تفاؤلًا في الدراسة.
وحسب الباحثون، على الرغم من أن الأبحاث حددت العديد من عوامل الخطر للأمراض والوفاة المبكرة، إلا أننا لا نعرف إلا القليل نسبيًّا عن العوامل النفسية والاجتماعية الإيجابية التي يمكن أن تعزز الشيخوخة الصحية، وهذه الدراسة لها صلة قوية بالصحة العامة لأنها تشير إلى أن التفاؤل هو أحد الأصول النفسية الاجتماعية التي لها قدرة على إطالة عمر الإنسان، ومن المثير للاهتمام أن التفاؤل قد يكون قابل للتعديل باستخدام تقنيات أو علاجات بسيطة نسبيًّا.
ولكن لماذا يرتبط التفاؤل بطول العمر؟
حسب الخبراء، تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الأكثر تفاؤلًا قد يكونون قادرين على تنظيم العواطف والسلوك، وكذلك الارتداد من الضغوطات والصعوبات بشكل أكثر فاعلية، ولكن البحث عن أهمية التفاؤل في هذا السياق لا يزال غير محدد بدقة، لكن العلاقة بين التفاؤل والصحة أصبحت أكثر وضوحًا، فقد خلص الباحثون إلى أنه بالنظر إلى أن العمل يشير إلى أن التفاؤل قابل للتعديل، فإن هذه النتائج تشير إلى أن التفاؤل قد يوفر هدفًا قيّمًا لاختبار استراتيجيات لتعزيز طول العمر، حيث يميل المتفائلون بشكل عامّ للنظر إلى الجانب المشرق ولديهم توقعات إيجابية حول المستقبل.
ولذلك فقد قدّم بعض الخبراء نصيحتين اعتُبرتا من أساسيات التفاؤل المكتسب، حيث يمكن تعلمها والسير على نهجها، وهي:
- كلما شعرت بالغضب أو السلبية، اعلم أن الأفكار تتحرك على طول الممرات العصبية بشكل دائم، ومن خلال اتخاذ قرار بأن ترى نصف الكوب الممتلئ، فسيمكنك ذلك ومن ثم سيصبح عقلك وأفكارك أكثر تفاؤلًا، واعلم أن هناك الكثير من الأدلة التجريبية التي تشير إلى أن نظرتك إلى العالم من خلال عدسة متشائمة أو متفائلة تقع داخل موضع سيطرتك.
- إذا كنت بحاجة إلى سبب لبذل جهد أكبر لتكون أكثر تفاؤلًا، فهذا السبب يتوفر في أحدث الأبحاث حول التفاؤل، كالبحث الأخير الذي يربط طول العمر الاستثنائي بالتفاؤل، فاجعل هذه الفكرة بمثابة الدافع.