نشرت مجلة فرونتيرز لعلم وظائف الأعضاء، إن الجفاف الخفيف يمكن أن يتداخل مع مزاج الشخص أو قدرته على التركيز، وحسب الباحثون فإن شرب الماء هو وسيلة فعالة لمعظم الناس للبقاء رطبًا، ولذلك توصي الأكاديمية الوطنية الأمريكية للطب بأن تشرب النساء ما يعادل 3 لترات على الأقل من الماء يوميًّا، وبأن يشرب الرجال 4 لترات، ولكن شرب كميات كبيرة من الماء ظهرًا أو أثناء الليل أفضل الطرق أو أكثرها كفاءة لتلبية متطلبات الترطيب بالجسم.
فخلال نحو ساعتين من شرب الماء سيكون إنتاج الشخص للبول مرتفعًا جدًّا، فالماء العادي يميل إلى الانزلاق مباشرة عبر الجهاز الهضمي البشري عندما لا يكون مصحوبًا بالغذاء أو المواد الغذائية، وهذا صحيح بشكل خاص عندما يشرب الناس كميات كبيرة من الماء على معدة فارغة، ولذلك لا توجد فضيلة لهذا النوع من الاستهلاك، وفي الواقع يعد البول الصافي علامة على الجفاف الزائد، وبعض الأبحاث الأخيرة تدعم فكرة أن استهلاك كميات كبيرة من المياه ليس هو أفضل وسيلة للبقاء رطبًا.
وفي دراسة نشرت عام 2015 في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، قارن الباحثون بين آثار الترطيب على المدى القصير لأكثر من عشرة مشروبات مختلفة، بما في ذلك؛ الماء العادي، المشروبات الرياضية، الحليب، الشاي إلى محلول معالجة الجفاف، وبناءً على تحليلات البول التي تم جمعها من متطوعي الدراسة، خلص الباحثون إلى أن العديد من المشروبات -بما في ذلك الحليب والشاي وعصير البرتقال، ولكن ليس المشروبات الرياضية- كانت أكثر ترطيبًا من الماء العادي.
وبطبيعة الحال لا أحد ينصح أن يستبدل الناس الماء لصالح أي مشروبات أخري، لكن مؤلفي الدراسة يقولون أن هناك العديد من عناصر المشروبات التي تؤثر على مقدار الماء الذي يحتفظ به الجسم، وتشمل هذه المواد الغذائية محتوى الشراب، وكذلك وجود عوامل مدرة للبول، والتي تزيد من كمية البول التي ينتجها الشخص، ويبدو أن تناول الماء مع الأحماض الأمينية والدهون والمعادن يساعد الجسم على شرب المزيد من الماء والاحتفاظ به، وبالتالي الحفاظ على مستويات أفضل من الماء، وهو أمر مهم بشكل خاص بعد التمرين وفترات العرق الشديد.
كذلك فإن المقولة الشائعة التي تقول أن استهلاك الماء الثابت والغزير يطرد من الجسم السموم أو المواد غير المرغوب فيها تمثل نصف الحقيقة فقط، ففي حين أن البول ينقل المنتجات الكيماوية ويطرد النفايات خارج الجسم، إلا أن شرب الكثير من الماء على معدة فارغة لا يحسن عملية التطهير هذه، وفي بعض الحالات النادرة قد يكون الاستهلاك المفرط للمياه ضارًّا، ففي الرياضيين أو الأشخاص الذين يمارسون الرياضة لساعات، إذا كانوا يشربون الماء فقط، فيمكنهم طرد الكثير من الصوديوم في بولهم، ما يؤدي إلى خلل في مستويات الصوديوم في الجسم، ونقص صوديوم الدم قد يكون قاتلًا في بعض الحالات.
وعلى الرغم من أن نقص صوديوم الدم والإفراط في استهلاك المياه لا يشكلان مصدر قلق كبير لغير الرياضيين، إلا أن هناك طرقًا أفضل للحفاظ على ترطيب الجسم والدماغ بدلًا من شرب الماء طوال اليوم، ومنها شرب الماء أو مشروب أخر بشكل معتدل، وهو ما يمنع الحمل الزائد عن الكلي، وبالتالي يساعد الجسم على الاحتفاظ بمزيد الماء، كما يعد شرب الماء قبل أو أثناء الوجبة طريقة جيدة أخرى لترطيب الجسم، فشرب الماء مع الأحماض الأمينية أو الدهون أو الفيتامينات أو المعادن يساعد الجسم على شرب المزيد من الماء، وهذا هو السبب في أن مشروبات مثل الحليب وعصير الفاكهة تميل إلى أن تبدو جيدة في دراسات الترطيب، وقد وجدت بعض الأبحاث أن تناول الموز أفضل من تناول مشروب رياضي عندما يتعلق الأمر بالتعافي بعد التمرين، كما أن تناول قطعة من أي فاكهة تقريبًا مع بعض الماء سيساعد على قدرة الجسم على شرب الماء والاستفادة منه وتحقيق الرطوبة.
والرسالة هنا ليست أن الأشخاص يجب أن يشربوا كميات أقل من الماء، ولا يجب عليهم مبادلة المياه بالمشروبات الأخرى، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يأملون في الحفاظ على ترطيبهم بالشكل الأمثل، فإن اتباع طريقة بطيئة وثابتة لاستهلاك المياه وربط المياه مع القليل من الطعام هو وسيلة أكثر فعالية من التخلص من أكواب الماء الكاملة بين الوجبات، وحسب الخبراء فإن الماء مفيد ولكنه قد يغرقك.