من الموضوعات الساخنة في علم النفس، ألعاب الفيديو العنيفة ومشاهد العنف، ومدى ارتباطها بازدياد السلوكيات العدوانية.
وقد أجابت بعض الدراسات على هذا السؤال بـ«نعم»، فيما اقترح بعضها الإجابة بالنفي؛ فهل يهم ما نشاهده أو ما نستخدمه من وسائل الإعلام أو الترفيه؟ إنه السؤال الذي نوقش بأشكال مختلفة.
وفي برنامج الازدهار البشري بجامعة هارفارد، يستهدف الخبراء استخدام الأساليب الإحصائية المعقدة للمساعدة في معالجة هذه الأنواع من الخلافات بين الدراسات والخبراء. وخلال تحليل عنف ألعاب الفيديو، كانت بعض المشاكل لا تركز إلا على الأهمية الإحصائية للتقديرات فقط، مع أنه قد يكون عنف ألعاب الفيديو أمرًا مهمًّا في بعض الحالات، وغير مهم في حالات أخرى.
وفي وقت سابق، نشر هؤلاء الخبراء مقاييس جديدة لتقييم التحليلات الوصفية، وعندما تم تطبيق هذه الأساليب على مسألة عنف ألعاب الفيديو، تمكن الخبراء من إظهار أنه على الرغم من وجود بعض الاختلافات بالفعل عبر التحليلات التعريفية، فإن هناك أيضًا الكثير من الاتفاق، وعلى وجه التحديد تشير التحليلات الوصفية إلى أن عنف ألعاب الفيديو في الغالبية العظمى من الظروف يزيد السلوك العدواني، ولكن في كل هذه الحالات تقريبًا فإن سياقات ومتوسط الآثار متواضعة نسبياً. ومن ثم، يبدو أن العنف في ألعاب الفيديو يزيد السلوك العدواني، ولو قليلًا، فيما ترى تحليلات أخرى أن ألعاب الفيديو العنيفة نادرًا ما تزيد احتمال ارتفاع مستويات السلوك العدواني بنسبة 40%.
ولا تزال هناك بعض الخلافات، مثل ما يحوم حول الأنواع المختلفة من الألعاب التي يحتمل أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات السلوك العدواني بنسبة بين 20 و40%. ولكن يبدو أن البيانات المستقاة من جميع هذه الدراسات تتفق على أن لألعاب الفيديو عادة آثار ضارة صغيرة.
وفي بعض الأحيان يتركز النقد على هذه الدراسات التي لا تخبرنا شيئًا عن النتائج على المدى الطويل؛ حيث إن معظم الدراسات التجريبية التي أجريت في البيئات المختبرية تقيم التأثيرات القصيرة المدى فقط لألعاب الفيديو العنيفة.
فيما يعتقد الخبراء أنه إذا أراد المرء أن يتبع نظريات تطور الشخصية، فعليه أن يعرف أن الشخصية والسلوكيات تتشكل من خلال العادات والإجراءات المتكررة، وقد يشير هذا إلى أنه إذا تم تشغيل ألعاب الفيديو العنيفة بوتيرة متكررة، فقد يكون لذلك بعض الآثار في الشخصية على الأقل.
وبحسب الخبراء فقد كان هناك نقاش حول ما إذا كانت ألعاب الفيديو العنيفة تلعب دورًا في حوادث إطلاق النار الجماعي مثلًا في بعض الدول كما تزعم العديد من وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي حاولت بعض الأبحاث العلمية دحضه، مؤكدةً أن الدراسات المعملية لا تستطيع تأكيد ذلك ولا تستطيع نفيه؛ فعلى الرغم من أن بيانات المعمل تشير إلى أن التأثيرات الصغيرة في المتوسط تتوافق مع هذه الآثار بالنسبة إلى أفراد معينين، فمن غير المرجح أن تؤدي ممارسة عشوائية للعبة فيديو عنيفة في مناسبة واحدة مثلًا إلى إطلاق نار جماعي.
ومن ثم، فإن التقارير التي تدعي أن ألعاب الفيديو تلعب أو لا تلعب أي دور في العنف أو إطلاق النار الجماعي ليست مبررة؛ لأن العلماء حتى الآن يؤكدون أنهم لا يعرفون، وأن الدراسات الصحيحة لم تتم بعد؛ حيث هناك حاجة إلى نوع مختلف من الدراسة، مثل تقييم ممارسات ألعاب الفيديو العنيفة بأثر رجعي لأولئك الذين نفذوا عمليات إطلاق النار الجماعية، وكيف يمكن مقارنة ذلك بعامة السكان، والسيطرة على المتغيرات الأخرى.
كما كان هناك جدل حول ما إذا كانت وسائل الإعلام التي تصور الانتحار تزيد احتمال محاولة الانتحار لأولئك الذين يشاهدونها.
وقد تم نشر بحث حول موضوع الانتحار في موقع جاما للطب النفسي، أشار إلى أنه في نحو ثلثي الإعدادات (أفلام، برامج تلفزيونية... إلخ) ، زادت صورة الانتحار الإعلامية من معدلات الانتحار اللاحقة، ولكن في نحو الخمس قد يكون للصور آثار وقائية معتدلة، على الرغم من أنها أقل كثيرًا من أن تكون ضارة، لكن التأثيرات الصغيرة نسبيًّا يمكن أن تزيد.
وعلى سبيل المثال، فقد أشار تحليل آخر نشر في الموقع نفسه، إلى أن إصدار سلسلة فيلمية على أحد الموقع تصور انتحار فتاة شابة، أدى إلى نحو 103 حالات انتحار في سن المراهقة.
وعمومًا، لا تعني نتائج هذه الدراسات المتنوعة بالتأكيد أنه يجب علينا اللجوء إلى بعض أشكال الرقابة الشديدة، ومع ذلك يعتقد الخبراء أن الأدلة المتعلقة بآثار مختلف وسائل الإعلام يجب أن تكون واضحة، ويجب أن يكون المنتجون على دراية بها على الأقل عند اتخاذ القرارات، وكذلك وجهة نظر المستهلك. ومن ثم ينصح الخبراء بتجربة العديد من الطرق للاستفادة من وقت الفراغ، بالتركيز على ما هو جيد ومثير للإعجاب ونبيل وأكثر ملاءمةً للازدهار من لعب ألعاب الفيديو العنيفة أو مشاهدة العنف.