كلما زاد الوقت الذي يقضيه المراهق في الجلوس، زاد احتمال تعرّضه للاكتئاب، هذا ما جاء بدراسة حديثة لجامعة كوليدج البريطانية، نشرتها مجلة لانسيت، وأجريت الدراسة لاستقصاء العلاقة بين النشاط البدني اليومي والسلوكيات المستقرة وانتشار أعراض الاكتئاب بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12و18 عامًا، معتمدة على مقاييس التسارع مع حجم عينة كبير (4257)، حيث توفر مقاييس التسارع (أجهزة تتبع اللياقة البدنية) بيانات أكثر موضوعية وموثوقية من الدراسات التي تعتمد على الإبلاغ الذاتي عن النشاط البدني اليومي.
ومن خلال الدراسة وجد الباحثون أن المراهقين الذين يتضمن روتينهم اليومي باستمرار النشاط البدني الخفيف مثل المشي كانوا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب، وحددوا أيضًا استجابة الجرعة التي تربط مقدار الوقت في الجلوس ومقدار الحركة بدرجات اكتئاب أعلى أو أقل، وحسب الباحثين قد يكون النشاط الخفيف مفيدًا بشكل خاص، لأنه لا يتطلب الكثير من الجهد ومن السهل أن يتناسب مع الروتين اليومي لمعظم الشباب، فبالإضافة إلى المشي يمكن أن يشمل النشاط البدني الخفيف أشياء مثل العزف على آلة موسيقية أو القيام بالأعمال المنزلية.
وعلى أساس يومي وجد الباحثون أن كل ساعة إضافية من السلوك المستقر في سن 12 و14 و16 كانت مرتبطة بزيادة في درجات الاكتئاب بنسبة 11.1 و8 و10.5 في المائة على التوالي بحلول عمر 18 عامًا، وعلى العكس من ذلك ارتبطت كل 60 دقيقة إضافية من النشاط البدني الخفيف بتقليل هذه النسب، ما يعني أن الشباب غير النشطين لنسبة كبيرة من اليوم طوال فترة المراهقة يواجهون خطرًا أكبر للاكتئاب في سن 18 عامًا.
وقال الباحثون يشير هذا البحث إلى أن دمج بعض النشاط البدني الخفيف والسهل في الروتين اليومي يمكن أن يجعل المراهق أقل عرضة للاكتئاب، وليس عليه هنا إخضاع نفسه للتمرينات لجني فوائد الصحة العقلية للنشاط البدني الخفيف؛ حيث إن بذل جهد بسيط والتحرك أكثر قليلًا يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في مواجهة خطر الإصابة بالاكتئاب.
ورغم تحديد العلاقة بين النشاط والاكتئاب، إلا أنه لا يمكن للباحثين إثبات أن المستويات الأعلى من النشاط البدني تسبب انخفاضًا في أعراض الاكتئاب، فقد يعاني المراهقون من اضطراب اكتئابي كبير لأسباب لا علاقة لها بالوقت الذي يقضونه في الجلوس، أو قد لا يمارسون أى نشاط دون أي أعراض اكتئابية، فيما تشير بعض الدراسات إلى ضرورة تشجيع جميع الأعمار على التحرّك أكثر والجلوس بشكل أقل؛ لأن ذلك مفيد لصحتنا الجسدية والعقلية.