عندما تتابع مسلسلًا تليفزيونيًا أو أحد الأفلام، وتنهمر دموعك متفاعلًا مع إحدى الشخصيات المحبوبة في هذا العمل الفني، فليس هناك ما يدعو للقلق؛ حيث تقول الأبحاث إن التعلّق بالشخصيات التليفزيونية يمكن أن يكون في الواقع صحيًا.
ويسمي علماء النفس أنواع العلاقات، التي نشكلها مع شخصيات خيالية، علاقات أحادية الاتجاه؛ لأننا نعرف كل شيء عن هؤلاء الأفراد، لكنهم لا يعرفون شيئًا عنا، والشيء المثير للاهتمام هو أن أدمغتنا ليست مبنية فعلًا على التمييز بين ما إذا كانت العلاقة حقيقية أو خيالية، لذا يمكن لهذه العلاقات أن تنقل الكثير من الفوائد في العالم الحقيقي، وحسب الخبراء يمكن أن تشمل هذه التعزيزات احترام الذات، وانخفاض الشعور بالوحدة، والمزيد من مشاعر الانتماء.
كما أن هناك القليل من الأبحاث حول العواقب النفسية، التي يمكن أن تحدث عندما تتعرض هذه العلاقة للتلف أو تنتهي، فإذا قرر كاتب أو كاتبة هذا العمل أن تفعل شيئًا سيئًا لتلك الشخصية، فستترك استجابة عاطفية حقيقية للغاية، وعندما تقضي ساعة كل أسبوع مع شخص لموسم تليفزيوني كامل، فإنكم بالفعل تصبحون أصدقاء، لذلك من الطبيعي تمامًا الشعور بالضيق عليهم إذا أصاب أحدهم مكروه.
ويعد البكاء على الأعمال التليفزيونية الحزينة مثالًا حديثًا لما أشار إليه الفلاسفة منذ آلاف السنين، باعتباره مفارقة المأساة؛ حيث يبدو أننا نستمتع بطريقة ما بالخيال المأساوي، وإحدى النظريات وراء ذلك أنه يوفر التنفيس أو تطهير العواطف السلبية؛ حيث يعطينا شيئًا ما لتركيز هذه المشاعر السلبية وإخراجها من نظامنا، فيما أظهرت أبحاث أخرى أن الناس يميلون إلى الشعور بالتحسن بعد البكاء.
ويشير بعض الأبحاث، إلى أن مشاهدة الأعمال الدرامية التليفزيونية الخيالية تحسِّن من قدرة الناس على قراءة أفكار ومشاعر الآخرين، وهي مهارة تعرف باسم الذكاء العاطفي، فيما تشير أبحاث أخرى إلى أن مشاهدة برامج تليفزيونية تصوّر المشاعر الإنسانية والرحمة، تجعل الناس أكثر لطفًا وإيثارًا تجاه الآخرين، كما يساعدك ذلك على فهم الناس بشكل أفضل.
وبينما لا يوجد شيء خاطئ في الانفعال تجاه الشخصيات الخيالية، فإن الباحثين يحذرون من ضرورة التأكد من أننا نشعر بنفس القدر من التعاطف مع أناس حقيقيين، بمن فيهم أناس حقيقيون لا نعرفهم؛ حيث أبلغ المشاركون في إحدى الدراسات عن شعورهم بالحزن تجاه الموت النظري لشخصية خيالية، أكثر من الموت النظري لزميل أو زميل في الحياة الواقعية!