تعمل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، على اقتناء مختلف المواد والمصادر والمراجع العلمية، التي تفيد الباحثين والمهتمين في مختلف فروع المعرفة، فالمكتبة تضطلع منذ تأسيسها بدور رائد في حفظ وحماية التراث الوطني والتراث العربي والإسلامي بشكل عام، وإتاحته للدارسين والمعنيين بالبحث؛ حيث تزخر بالعديد من المقتنيات الأصلية، والكتب الحديثة والنادرة.
ومن بين الكتب النادرة التي تحويها المكتبة كتاب «عشر سنوات في معرفة الإسلام»، الذي يوثق حقبة 1834م-1844م، ألفه الفرنسي ليون روش، ووضع فيه كل الأحداث والمشاهدات والتجارب التي انخرط فيها من بداياته في الجزائر حتى كلف بمهمة رسمية تنتهي بمكة المكرمة والمدينة المنورة أثناء فترة الحج، مرورًا بتونس وجزيرة مالطا ومصر، وطريق رحلته وصولا إلى الحرمين الشريفين، ثم عودته من ميناء جدة إلى روما ثم الجزائر وباريس.
والتحق المؤلف مع مجموعة من الحجاج التونسيين واندمجوا مع إحدى القوافل الكبيرة، وبعد 25 يومًا من مغادرتهم القاهرة وصلوا إلى ينبع البحر.
ويتميز الكتاب النادر، على غير ما تضمنه من وقائع تاريخية مهمة، وسرد دقيق للأخطار التي تتعرض لها قوافل الحجاج مع ذكر تصرفاتهم ومشاعرهم، وعرض المؤلف عند وصوله إلى مشارف المدينة المنورة، صورة كأنها متحركة وملونة للمدينة، التي تحيط بها الحدائق والبساتين النضرة التي يغلب عليها النخيل، وفي وسطها الحرم النبوي الشريف، وكلما اقترب من المدينة أصبحت الصورة ترصد وتصف بدقة أرجاء المسجد النبوي وأبعاده وأعمدته، وصولًا إلى الروضة النبوية الشريفة، كما وصف أحوال المصلين والزائرين وسلوكهم، والمكلفين بمرافقتهم وإرشادهم .
وسرد المؤلف مسيرة تطور المسجد الحرام وتوسعته وصيانته بدأ من الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، مرورًا بعثمان بن عفان رضي الله عنه، والوليد بن عبدالملك (91هـ) والمهدي (160هـ) حتى إعادة بنائه في العام 678هـ .
أفرد المؤلف عدة صفحات لوصف الحرم المكي وأبعاده و مداخله وبواباته وأعمدته وأرضيته وهندسته والعناية به، ودور المكلفين بإرشاد الحجاج، كما وصف الكعبة وكسوتها والقائمين عليها ومواعيد فتح بابها .
وتابع سرده للوقفة على جبل عرفات؛ حيث قدر عدد الحجاج بستين ألفًا، والمبيت بمنى ومزدلفة ورجم الجمار، ثم ينتقل إلى وصف (أم القرى) وحيزها المكاني وتلالها ونشاط السكان في عمليات البيع والشراء، وحالة المساكن والشوارع والحوانيت، كما حدد ثلاثة أحياء للمدينة: حي الصفا، حي السويقة، حي باب عمر، مبينًا نوعية ساكنيها وأسواقها، كما كتب عن زيارته لجبل أبوقبيس وجبل النور وجبل ثور وكهفه.
فيما شكل الكتاب الثاني واحدًا من أندر الكتب الطبية، التي تقتنيها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، ويمثل الصورة العلمية في مجاله عند صدوره؛ حيث يقتني المصادر والقوانين والمفاهيم الطبية؛ ما تتيحه المرجعيات الطبية العربية والعالمية في تلك المرحلة .
ويأتي كتاب «الأزهار الرياضية في المادة الطبية»، لمؤلفه علي رياض خوجه، الذي صدر عام 1296هـ ، وطبع بمطبعة وادي النيل المصرية (جزأين في كتاب واحد)، ليحدد لنا صورة علمية طبية شائقة في عصره؛ حيث توجه الكتاب إلى الإنسان .
وترتكز منهجية الكتاب على تصنيف الأدوية وترتيبها وبيان خواصها وتأثيراتها ومقاديرها وكيفية امتصاصها، مع ربطها بالنباتات من أعشاب وزهور وفواكه وخضراوات، وبقول وبذور وتمور، وكذلك ربطها باللحوم والألبان والسوائل وأنواع المياه، كما يبين الأنواع المندرجة في هذه المنتجات الطبيعية من سكريات وأملاح وأحماض وكلوريدات وفيتامينات؛ وبذلك جاء ترتيب الأدوية ليتم التمييز بين المسكنات والمنبهات والمخدرات والمهيجات والمنومات والملينات والمسهلات والمقويات والموقيئات والسميات والمحمرات والمنفطات والكاويات والمضادات والمدرات والمعرقات والطاردات .
واجتهد المؤلف بتأليف كتاب جامع للمفردات الطبية، متجنبًا التطويل الممل والاستطراد الذي لا يضيف أو ينور الفكرة، ومعتنيًّا بتقديم ما يسكّن آلام المرضى، وتنبيه القراء إلى محاذير الاستعمال، وحثهم على التزود بالمعارف.
اقرأ أيضًا:
تاكيشي سوزوكي: الملك عبدالعزيز بطل لا يُقهر وزعيم سياسي بارع
بمشاركة أشهر الخطاطين.. مكتبة الملك عبدالعزيز تقيم معرضًا عالميًّا للخط العربي
مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تشارك بمؤتمر الأرشيفات العربية