منذ بدء تفشي وباء كورونا تراجع الإحساس بالسعادة، وتزايد الشعور بالأرق، وارتفع عدد المشاكل المتعلقة بالصحة العقلية.
وهذه الأمور دفعت إلى التساؤل حول كيف يمكن للمرء العثور على مزيدٍ من السبل للشعور بالسعادة خلال هذه الأوقات الصعبة. والبشر غالبًا ما يكونون مقيدين بالعادات ويتكيفون ببطء مع الظروف الجديدة. لذلك ما هي التغيرات التي يجب القيام بها؟
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أن من بين أبرز سمات تفشي وباء كورونا هو ارتفاع معدلات المدخرات الشخصية في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بحسب ما قاله الاقتصادي تايلور كوين، أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ماسون.
ففي أبريل الماضي، تجاوز معدل الادخار 30%، ولكنّه تراجع إلى 19.5% في شهر حزيران/يونيو الماضي، ومن المرجَّح أن يشهد مزيدًا من التراجع. ولكنَّه مازال أعلى من المستوى الذي وصل إليه قبل تفشي وباء كورونا، حيث كان يتراوح ما بين 3% و 8%.
وعلى الرغم من هذه المعدلات المتراجعة، فإنَّه ربما تعين على الأمريكيين زيادة الإنفاق. ويرجع ارتفاع معدل الادخار جزئيًا إلى رغبة المواطنين في ادخار الموارد من أجل المستقبل الغامض. ولكن هناك تفسير آخر، خاصة للذين يتلقون دخلًا مرتفعًا، وهو أنَّ تخطيط النفقات أصبح أمرًا مستحيلًا وخطيرًا أو غير ملائم.
فبدلًا من السفر إلى باريس والبقاء في فندق يقع على نهر السين، قاموا بالتوجه إلى إحدى الكبائن في ولاية مين أو في ويست فيرجينيا، أو من المحتمل أنهم قاموا بتأجيل خططهم لشراء سيارة جديدة أو أمضوا وقتًا أقل في تصفح الكتب في المكتبات.
وعلى أي حال، فإن النتيجة النهائية هى إنفاق أقل ومدخرات أكبر، سواء كان قد تم ذلك عن قصد أم لا .
وربما تعد هذه قرارات حكيمة، ولكن الكثير من الناس مازالوا لا ينفقون أموالًا كافية من أجل أن يحظوا بالمرح. كما أنهم يتسمون بالبطء فيما يتعلق بتطوير اهتمامات جديدة تتوافق مع تفشي فيروس كورونا.
ومن الممكن تحقيق المزيد من السعادة من خلال إنفاق المال على اقتناء كتب جديدة مثلًا، أو التسوق أو الاشتراك في المزيد من الخدمات الإخبارية الإلكترونية.
وبالفعل يقوم الكثيرون ببعض هذه الأمور إلى حدّ ما. ولكن من الطبيعي في الاقتصاديات التجريبية أن تتكيف العادات الاستهلاكية ببطء مع الظروف المتغيرة، خاصة غير المسبوقة. فإنّه لا يكفي تعلم عادات جديدة للإنفاق، إذ يجب مضاعفتها.
وتقول بلومبرج، إنه في ظلّ ظروف تفشى فيروس كورونا ينبغي الحرص على إنفاق مزيد من الأموال على الأعمال الخيرية. ويلاحظ أن التحويلات المالية من جانب المكسيكيين العاملين في الولايات المتحدة لبلادهم ارتفعت مؤخرًا، وهى نتيجة غير اعتيادية خلال فترة الركود الحالية. ويرجع ذلك جزئيا إلى أنَّ المهاجرين المكسيكيين لا تتوفر لهم سبل كثيرة لانفاق أموالهم هناك بسبب القيود المتعلقة بفيروس كورونا، وفي الوقت نفسه، فإن أقاربهم وأصدقاءهم في المكسيك في حاجة ماسة للمساعدة.
ويجب أن يحذو الجميع حذو المكسيكيين، ويبادرون بتقديم المزيد من المساعدة للآخرين في جميع أنجاء العالم.
ومن أوجه المساعدة في ظل توفر المدخرات، زيادة الإكرامية التي يتم دفعها لمقدمي الخدمة عند تناول الطعام في مطعم أو عند تلقي الطعام في المنزل، فالعاملون في هذا المجال يواجهون خطورة فقدان وظائفهم بصورة كبيرة، ومن المرجح بصورة كبيرة أنهم يعانون من أوضاع مالية أسرية حرجة.
ومن سبل تعزيز الشعور بالسعادة في هذه الأوقات الصعبة، إمكانية الاستفادة من عدم ازدحام الطرق نسبيا حاليا، والقيام بزيارة الأصدقاء، فلقاء صديق، حتى مع تطبيق التباعد الاجتماعي، يعد أحد طرق تخفيف الضغوط التي يشعر بها الكثيرون بسبب وباء كورونا.
وفي حقيقة الأمر فإنَّ الضغوط والمشاكل الناجمة عن تفشي فيروس كورونا حقيقية للغاية، وليس من السهل التخلص منها، والقبول ببعض التغيير في أسلوب الحياة قد يكون أمرًا مساعدًا لمواجهة تلك الضغزط والمشاكل.