على مدار السنوات العشر الماضية استثمرت المعاهد الصحية بالولايات المتحدة فقط نحو 170 مليون دولار لفهم عالم البكتيريا التي تعيش بداخلنا بشكل أفضل أو ما يسمى الميكروبيوم، في المرحلة الأولى من المشروع ركز الباحثون على تصنيف أنواع لا حصر لها من الميكروبات الموجودة في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الفم والأنف والأمعاء والمسالك التناسلية، وركزت المرحلة الأخيرة التي أعلنها مؤخرًا في مجلة الطبيعة والدواء على فهم أفضل لكيفية تأثير التغييرات في تلك المجموعات الميكروبية في حالات السكري والولادة قبل الأوان وأمراض الأمعاء الالتهابية.
- الميكروبيوم والسكري
وجد الباحثون أنه لا يوجد ما يسمي طبيعي عندما يتعلق الأمر بالميكروبيوم، فخط الأساس الصحي للجميع مختلف من شخص لآخر، ومع ذلك هناك بعض القواسم المشتركة في الميكروبات بين الأشخاص الذين يعانون من حالات مرضية معينة، بما في ذلك مقاومة الأنسولين؛ حيث إن الأشخاص الذين يعانون منه يميلون إلى أن تكون لديهم ميكروبات مختلفة؛ ما يجعل الخلايا المناعية تتصرف بطرق مختلفة مقارنة بالأشخاص الأكثر حساسية للأنسولين، لذلك عندما يمرض أولئك الذين يقاومون الأنسولين أو ما قبل السكري تكون استجاباتهم المناعية أضعف من غيرهم.
وحسب الباحثين يمكننا توقع وجود علامة مقاومة للأنسولين من الميكروبيوم، وفي الوقت الحالي يتطلب اكتشاف مقاومة الأنسولين إجراء اختبار مدته ست ساعات يكلف الكثير من الأموال، لكن الفحص الميكروبي من عينات البراز قد يكلف القليل، ويتوقع أن يصبح الفحص المنتظم للميكروبات البشرية لمرض السكري جزءًا روتينيًّا من الفحص الطبي في السنوات المقبلة.
- الميكروبيوم والولادة المبكرة
قد يكون استخدام الميكروبيوم مفيدًا أيضًا في التنبؤ بالمرأة التي قد تكون أكثر عرضة للولادة قبل الأوان، وقد قام الباحثون بتحديد ملامح الميكروبات في المهبل التي ارتبطت بارتفاع معدلات هذه الولادة، فوجدوا أن النساء اللائي خضعن للولادة المبكرة، كن أقل عرضة للإصابة باللاكتوباسيلوس، والتي ربطتها دراسات سابقة بصحة الجهاز التناسلي.
وعندما قام الباحثون بإنشاء نموذج تنبؤ يتضمن هذه المعلومات، تمكنوا من تحسين التنبؤ بالولادة المبكرة بنسبة تصل إلى 7 في المائة عن الطرق الحالية، كما أسفرت هذه النتائج عن مجموعة كبيرة من الفرضيات، قد تساعد في التنبؤ بنجاح التلقيح الاصطناعي، وتعريف الحمل الصحي.
- الميكروبيوم والتهاب الأمعاء
تمكن الباحثون من تحديد التغيرات في أنواع البكتيريا التي تصبح نشطة خلال فترات التهاب الأمعاء مقارنة بفترات الشفاء، وكذلك التغيرات في كيفية تأثير تلك الميكروبات على جهاز المناعة، لكن هذا لا يكفي حتى الآن لتطوير اختبار تشخيصي يمكن أن يتنبأ بالطفرات المستندة إلى ميكروبيوم شخص ما، فيما يعتقد الباحثون أن الأمر سيستغرق عدة سنوات لوضع كتالوج شامل يضم كل الحالات.