بينما ينتاب العالم حاليًّا قلق من فيروس كورونا المستجد، الذي انتشر لأكثر من 90 دولة بعد ظهوره بالصين في ديسمبر الماضي، إلا أن نسبة الوفيات المصابين بالمرض والتي بلغت نحو أكثر من 4300 شخص تصنف الفيروس في خانة الأضعف والأقل في الترتيب بين أكثر الفيروسات والأمراض فتكًا عرفها التاريخ البشري الحديث.
وتعتبر الكائنات المجهرية المعروفة بـ«الفيروسات» الأكثر خطرًا على البشر والأشد فتكًا بهم من الأعداء الطبيعيين سواء الضواري والحيوانات المفترسة أو حتى من الكوارث الطبيعية القاتلة وخلفت الفيروسات وراءها ضحايا بالملايين.
الطاعون الموت الأسود
من أبرز الجوائح التي شهدتها البشرية على مر التاريخ، هي «الطاعون الأسود» الذي تفشى في العالم بالفترة بين 1330 و1350م، وقدر عدد المتوفين بسببه حول العالم بحوالي 75-200 مليون شخص في القرن الرابع عشر وعشرات الملايين بالقرن التاسع عشر، إذ بعد 800 عام من الاندلاع الأول له ظهر المرض مجددًا في أوروبا منطلقًا من آسيا عبر قوافل طريق الحرير إليها والجحافل المغولية ليصل لدول البحر المتوسط وغرب أوروبا في عام 1348م، عبر الجنود الإيطاليين الهاربين من النزاع في شبه جزيرة القرم، وتسبب في وفاة ما يقدر بحوالي 20 إلى 30 مليون أوروبي في 6 سنوات، بما يُعادل ثلث سكانها.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فالمسبب الرئيسي للمرض جراثيم توجد في نوع من البراغيث التي تعيش على القوارض في آسيا الوسطى والتي ما زالت موجودة إلى الآن، وسمي بالموت الأسود نسبة إلى بقع سوداء صغيرة تظهر على الجسم كعلامة على النزيف الدموية الداخلي، ولأنه في آخر مرحلة تسود الأصابع واليدين نتيجة الغرغرينا بسبب موت الجلد والأنسجة.
الطاعون الأنطوني
ظهر طاعون الأباطرة الأنطونيين تقريبًا عام 165م داخل حدود الإمبراطورية الرومانية وأسفر عن وفاة ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص بمعدل نحو 2000 مصاب يوميًّا، وفقًا لما نقله المؤرخ الروماني كاسيوس ديو، إلا أن دراسات حديثة توقعت أن هذا النوع من الطاعون هو نفسه مرض الجدري بناء على وصف أعراضه التي دونها المؤرخ الروماني.
طاعون جستنيان
وفي عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول حوالي العام 541م شهد العالم انتشار نوع وبائي من الطاعون خلف خرابًا رهيبًا بالعاصمة البيزنطية القسطنطينية، وأسفر الوباء عن وفاة حوالي 25 مليون شخص لكن بعض المصادر الأخرى رجحت أن يكون عدد الضحايا أكبر من ذلك بكثير (في حدود الخمسين مليون نسمة)؛ بسبب امتداد الوباء نحو مناطق آسيوية أخرى.
الجدري
تسبب الجدري الذي يسببه فايروس يسمى virola في قتل 400.000 نسمة سنويًّا في السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر وكان مسؤولًا عن ثلث حالات العمى في وقتها وفوق الـ80% من الأطفال الذين كانوا يصابون بالمرض كانوا يلاقون حتفهم، وفي القرن العشرين تسبب بوفاة نحو 500 مليون شخص وصرحت منظمة الصحة العالمية أنه في عام 1967, 15 مليون شخص اصيبوا بالمرض توفي منهم مليونان وتم القضاء عليه بشكل كامل في 1979 بفضل اللقاحات.
التيفوس
وانتشر المرض المشتق اسمه من الكلمة الإغريقية Typhus وتعني الضباب في إشارة لـ«الهذيان» -أبرز الأعراض الرئيسية التي تظهر على المريض- في أوائل القرن العشرين، وتسبب بمقتل 30 مليون شخص في روسيا بمفردها ونحو 4 ملايين شخص في بولندا لحين تم اكتشاف لقاحه بين الحرب العالمية الأولى والثانية، ويستمر المرض بحصد أرواح 200.000 شخص سنويًّا إلى الآن.
الإنفلونزا الاسبانية 1918
بين العامي 1918 و1920 خلال فترة الحرب العالمية الأولى، أصاب هذا المرض نحو ما يقرب من 500 مليون شخص حول العالم، بما في ذلك قاطني جزر المحيط الهادي، والمنطقة القطبية الشمالية، وتسببت في وفاة ما بين 50 إلى 100 مليون شخص، وما جعل المرض غريبًا على الأطباء ومستعصيًا هو طريقة عمل فيروس نفسه.
فمن المعروف أنه أوبئة الإنفلونزا تقضي على الأشخاص الضعفاء كالمسنين والأطفال وذوي الأمراض المزمنة، إلا أنه ومع هذا الوباء كان الأمر مختلفا إذ كان معدل الوفيات أكبر بين البالغين الأصحاء أكثر؛ حيث يؤدي المرض إلى رد فعل مبالغ به من قبل جهاز المناعة ضد الجسم, وكلما كان جهازك المناعي أقوى دمر الداء الجسد !
الكوليرا
وانتشرت في القرن التاسع عشر، وتسببت في مقتل عشرات الملايين من الأفراد؛ حيث شهدت 7 جوائح في أوقات مختلفة، وتقدر الوفيات في الهند في الفترة الزمنية بين 1817 و1860، في الأوبئة الثلاثة الأولى من القرن التاسع عشر، بأكثر من 15 مليون شخص. كما تُوفي 23 مليون آخرون بين عامي 1865 و1917، خلال الأوبئة الثلاثة التالية. وقد تجاوزت حالات وفاة الكوليرا في الإمبراطورية الروسية خلال فترة زمنية مماثلة مليوني شخص.
اقرأ أيضًا:
لماذا تأخرت منظمة الصحة العالمية في تطوير لقاح لفيروس كورونا؟
https://ajel.sa/QxhRF7/
عالم فيروسات لـ«عاجل»: كورونا خرج عن السيطرة عالميًّا والموقف أصبح صعبًا
https://ajel.sa/zcPVvm/