كشفت دراسة حديثة عن تأثيرات وتداعيات ارتفاع معدلات التضخم على رواتب الموظفين والعاملين في عدد من الدول العربية، تزامنًا مع موجات الغلاء غير المسبوقة التي طالت العديد من السلع الغذائية الأساسية وأسفرت عن تراجع القوة الشرائية لدخول أغلب الأسر.
وأوضح المشاركون في الدراسة عما إذا كانت الرواتب الشهرية لهؤلاء الموظفين والعاملين تكفيهم ومتى تنفد من جيوبهم، وأين ينفقون أموالهم بالتحديد، وهل يستطيعون الادخار؟.
وتوصلت الدراسة لنتائجها بعد استطلاع رأي في 13 دولة عربية، شمل 1170 مشاركاً من مختلف المستويات يكشفون من خلاله عن تأثيرات موجة الغلاء العالمية على رواتبهم.
وأظهرت الدراسة أن مواطني 7 دول عربية هي بالترتيب: لبنان والعراق ومصر وتونس والمغرب والجزائر والأردن تنفد جيوبهم من الراتب قبل نهاية الشهر، بل الغالبية منهم تنفد قبل نهاية الأسبوع الثالث.
وأشارت الدراسة التي أعدها موقع "إرم" إلى أن ما يزيد على 94% من الموظفين في الدول السبع ذاتها يصرفون دخلهم قبل نهاية الشهر.
وجاء لبنان في صدارة مشهد المعاناة حيث قال 99% من المشاركين في الدراسة إن جيوبهم تنفد قبل نهاية الأسبوع الثالث، و92.5% من المشاركين في العراق بالفترة ذاتها، وكذلك الحال بالنسبة لـ 92% من المشاركين في مصر.
كما أظهرت الدراسة أن أكثر من نصف المشاركين من لبنان 56% ينفقون دخلهم الشهري خلال الأسبوع الأول، في الوقت الذي يعيل 70% من المشاركين بالدراسة أسرة مكونة من 3 إلى 5 أفراد.
وبعد لبنان، جاءت تونس التي ينفد فيها دخل 47% من المشاركين في الدراسة خلال أول أسبوع ويعيل 75% منهم بين ثلاثة إلى خمسة أفراد، ومن ثم الأردن التي أظهرت الدراسة أن 39% من المشاركين فيها ينفقون دخلهم في الأسبوع الأول، ويعيل 48% من المشاركين بالدراسة بين ثلاثة إلى خمسة أفراد.
بينما في الجزائر فإن نسبة 35.6% من المشاركين في الدراسة أكدوا أن دخلهم الشهري ينفد مع نهاية أول أسبوع من كل شهر، بينما ذكر 36.1% ممن شاركوا في المغرب أن دخلهم الشهري ينفد مع نهاية ثاني أسبوع من كل شهر.
وبالنسبة لوجهات إنفاق الدخل الشهري على الغذاء، الصحة، التعليم، وسائل النقل، إيجار السكن، المياه، الكهرباء، الملابس، القروض، والترفيه، اختار المشاركون بالدراسة من تونس والجزائر ومصر وعُمان والبحرين ولبنان والعراق "الغذاء" كأكثر مصدر للإنفاق، بينما تساوت أولويات أغلب المشاركين من المغرب بـ "الطعام وإيجار السكن."، بالمقابل ذكر المشاركون من الأردن والكويت والإمارات وقطر أن تكاليف إيجار المسكن هو أكبر مصادر الإنفاق لديهم.
وأجاب المشاركون في الدراسة من الجزائر ومصر والمغرب والأردن والعراق، أن المياه تكلفهم مصاريف شهرية بمرتبة ثالثة بعد الطعام والسكن، ما يسلط الضوء على تصاعد حصة المياه من المصروف الشهري للمواطن في الدول العربية.
وبينما اختار المشاركون بالدراسة في لبنان مصروف "الكهرباء" على أنه الأكثر إرهاقًا لفاتورتهم الشهرية بعد الغذاء والسكن. أما تكلفة "التعليم" فكانت ثاني مصدر للإنفاق بالكويت والثالث في كل من المغرب والإمارات.
فيما كانت إجابات المشاركين بالدراسة في قطر مختلفة، حيث تساوت نسبة الذين اختاروا "التعليم" مع من اختار "الترفيه"، بينما في تونس تساوت نسبة "التعليم" مع "القروض" من حيث قيمة الإنفاق؛ فيما ذهب أغلبية المشاركين من سلطنة عُمان والبحرين إلى أن "القروض" هي ثاني مصادر الإنفاق وتأتي ما بين "الطعام" كأول مصدر و"إيجار السكن" الذي يحل بالمرتبة الثالثة في ميزانية الموظف.
وبحسب الدراسة اتفق عدد كبير من المشاركين فيها على أن الترفيه بات أمراً من الماضي بعد أن حل بالمرتبة العاشرة (الأخيرة) على قائمة المصاريف الشهرية عند 77% من الجزائريين و75% من المصريين و68% من المغاربة.
وأفادت الدراسة، أنه العرب لاينفقون على الترفيه سوى النذر اليسير من دخلهم، بغض النظر عن مستوى الدخل، إذ حلّ بين أقل 3 مصادر للإنفاق من 10 أوجه إنفاق طلبت الدراسة من المشاركين في الاستبيان ترتيبها حسب القيمة والنسبة التي يستحوذ عليها من دخلهم الشهري.
وتصدر لبنان والجزائر ومصر، قائمة الدول التي يتذيل الإنفاق على الترفيه أوجه الإنفاق فيها، وفقاً لأكثر من 70% من المشاركين.
وفي الإمارات أكد 51.3% أن إنفاقهم على الترفيه يأتي ضمن أوجه الإنفاق الثلاثة الأقلوفيما اختار 45% من المشاركين الترفيه في البحرين، ذهب 42.9% من العينة في الكويت إلى هذا البند من الإنفاق.
وكشفت الدراسة أن معظم العرب يصرفون دخلهم قبل نهاية الشهر بلا قدرة منتظمة على التوفير، وهو ما يعكس تأثر الموظفين بموجات الغلاء والتضخم في 13 دولة عربية، والذين جرى استطلاع آرائهم عبر استبيان إلكتروني ممنهج شارك به الآلاف من المواطنين والمقيمين، رجالًا ونساءً من الفئة العمرية فوق الثامنة عشرة والذين يتمتعون بوظيفة كانت نسبتهم 85.1% أو الذين لهم مصدر دخل ثابت كأصحاب مصالح خاصة فقد كانت نسبتهم 14.9%.
وذكرت أغلب المشاركين ونسبتهم 88.1% بأن ثلاثة أشخاص أو أكثر يستفيدون من الدخل والباقي 12% مستفيد واحد أو اثنان فقط.
وخلصت الدراسة إلى تفاوت النتائج بين دول الخليج من جهة والدول العربية الأخرى من حيث نسبة القدرة على ادّخار جزء من الدخل في نهاية الشهر، كما وفاوتت النسب بين دول الخليج نفسها.