تيك توك منصّة شهدت زيادةً في المحتوى المرتبط بالتكنولوجيا بنسبة 302 بالمئة، والمحتوى المرتبط بالجمال بنسبة 169 بالمئة، والمحتوى المرتبط بالطعام والموضة بنسبة 197 و287 بالمئة على التوالي في دول مجلس التعاون الخليجي في السنة الماضية. هنا تكمن قوّة تيك توك التي لا يمكن لأيّ مجتمع إبداعي أو منصّة ترفيهية أخرى أن تضاهيها. وفي المملكة العربية السعودية أدّت الشعبية غير المسبوقة لهذه المنصّة القائمة على نشر مقاطع فيديو قصيرة، إلى ظهور موجةٍ جديدة من المبدعين الذين مهّدوا الطريق أمام أنواعٍ جديدةٍ ومبتكرة من المحتوى والتجارة.
شهد مفهوم التجارة تطوّراً كبيراً على مرّ العصور، غير أنّ الأمر الذي لم يتبدّل يوماً هو التركيز على المجتمع. ففي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وحدها، تُقدّر قيمة سوق التجزئة حالياً بما يناهز التريليون دولار أمريكي حيث تخدم المنصّات الرقمية أكثر من 40% من إجمالي قيمة الإنفاق على التجزئة، وذلك بحسب "زبوني" Zbooni، وهي منصة للتجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبسبب نهج تيك توك الذي يَعتبرُ المجتمع المحرّكَ الأساسيَّ له، يتجه عددٌ هائلٌ من العلامات التجارية إلى المنصة التي تعدّ منظومةً متكاملة العناصر ما بين المجتمع والترفيه والتسويق، والتي تشكّل نظاماً بيئياً تجارياً فريداً تتأثّر قرارات فيه الشراء بأشخاصٍ حقيقيين ومجتمعات رقمية وليس بفرد أو مؤسّسة شهيرة.
تيك توك هي الداعمة الأقوى "للألفة" المجتمعية على نطاقٍ واسع.
من ناحيةٍ أخرى، إنّ الفارق الأساسي اليوم هو أنّ مجموعة مستخدمي تيك توك من أفراد يمثّلون المجتمع، لم تعد سلعة تستفيد منها العلامات التجارية، بل هي المحرّك الفعلي للتجارة. وهذا ما نطلق عليه تسمية التجارة الاجتماعية.
وحيث تشكّل تيك توك موطن هذا المجتمع، كان المستخدمون في طور بناء مخطّط التجارة الاجتماعية الرقمية منذ بعض الوقت، يغيرون ديناميكياته ويعيدون تحديد نوع التجربة التي يرغبون فيها على أصعدةٍ عديدة مع العودة إلى حين كانت التجارة نظاماً مشتركاً قائماً على الثقة.
أمّا اجتذاب التجارة الاجتماعية للشركات فيعود ببساطةٍ إلى أنّها تسمح لها بالاعتماد على منصّة حيث يكون المجتمع في قلب تجربة التسوّق حيث يعزز هذا مكانة العلامات التجارية وانتشارها بأسلوب قويّ ومبتكر.
يمكننا على سبيل المثال أن ننظر إلى ماسكارا "سكاي هاي" من علامة ميبيلين التي نفذت الكميات المنتجة منها أربع مرّات في غضون أسبوعين نظراً إلى الإقبال الشديد عليها بسبب الاتّجاهات التي برزت على تيك توك.
وهذه هي الصورة الحقيقية التي تعكس طريقة ازدهار التجارة اليوم.
فالمجتمع يلعب دوراً هاماً في قرارات الشراء اليوم، ويسلّط كمّ المحتوى، الذي يتمّ نشره على تيك توك كلّ يوم، الضوء على طريقة الترفيه التي يرغب فيها الناس اليوم، والتي تعتبر الدافع الأساسي لـ 75% من الناس إلى التوجّه نحو تيك توك.
وتُعدّ الاستجابة لمتطلّبات هذا المجتمع واحدةً من الوظائف الأساسية للتجارة اليوم، ويعتمد ذلك على الانتقال نحو تجربة ممتعة ومسلّية، تمكّن وتربط وتسمح باكتشاف منتجات جديدة وإنجاز عمليات الشراء بسرعة كبيرة.
ومع التركيز على المجتمع، نرى اليوم أنّ مسار التحويل النموذجي قد انهار وتحول إلى عجلة موازنة على تيك توك مع ميزتين رئيسيتين هما توفير رحلة سريعة تسمح للمتسوقين بتخطّي العملية بأكملها في خطوة واحدة أو الأفضل مع تخطي بعضها، ومحرك ذاتي التشغيل هو على معرفة ثابتة ودائمة بردود فعل المجتمع وتفاعله.
ومن هنا، أدّى محتوى تيك توك الذي يركّز على المبدعين إلى توفير فرص أكثر استهدافاً وديناميكية للعلامات التجارية من أجل صنع لحظات تسمح للمستخدمين باستكشاف المنتج والتعرّف إليه وإحداث ضجّة حوله. وبالتالي إنّ اعتماد التسويق القائم على التحدّث عن المنتج والذي يغذّيه صانعو المحتوى على تيك توك ليس له أيّ بديل ويسمح للعلامات التجارية بالانطلاق والازدهار بين ليلة وضحاها.
ومع النشر التكتيكي الصحيح، تعدّ هذه فرصةً لا يمكن لأي علامةٍ تجارية أن تفوّتها.
وقد باتت الطريقة الجديدة للشراء بالنسبة للعلامات التجارية تمرّ بالاكتشاف العفوي للمنتج والإلهام. وهذا ما يجعل كلّ لحظةٍ على تيك توك فرصةً مثاليةً للتحويل بالنسبة لأيّ علامةٍ تجاريةٍ قادرةٍ على اجتذاب اهتمام المجتمع والحفاظ عليه، وتتطلب فهماً شاملاً ثلاث ركائز أساسية.
أوّلاً، يستغرق الأمر 15 ثانيةٍ على تيك توك لتعريف ملايين الأشخاص إلى منتجٍ أو علامةٍ تجارية، ويترافق ذلك مع استعداد المجتمع لإجراء عملية الشراء بفضل هذا النوع من الترفيه القائم على الأصالة على تيك توك. بالإضافة إلى ذلك، على صفحة For You Page، ترتبط التوعية الناشطة Active Awareness ارتباطاً شديداً بالمحتوى الذي يتمّ تقديمه على تيك توك والذي يعرض مقاطع فيديو من إنتاج المستخدمين، والتي من المرجح أن يتمّ التفاعل معها ومشاركتها.
ويعدّ ذلك محفّزاً مسرّعاً للتجارة الاجتماعية نظراً إلى أنّ المستخدمين يحصلون على التوصيات من صانعي محتوًى يثقون بهم، وبالتالي يميلون إلى تلبية رغبتهم بالشراء بسرعة أكبر ليقوموا بعد ذلك بمشاركة اكتشافاتهم شخصياً بأسلوب فيه الكثير من الفرح والإيجابية، مما يؤدّي إلى مواصلة التحدّث عن المنتج. وبالتالي، من الممكن أن تحوّل الاستفادة من المجتمع فرح الاكتشاف إلى عمليّات شراء بديهية أو مخطّطٌ لها للعلامات التجارية.
ثانياً، يعتبر المحتوى على تيك توك محتوًى غامراً ولكن متجذّراً في حقيقة بدون أقنعة، فيكتسب المستخدمون ثقة العلامة التجارية عندما يتفاعلون معها من خلال محتوًى أصيل. لهذا السبب نرى كلّ يوم أن المحتوى العفوي الذي يقوم بإنشائه مبدعون متشابهون في التفكير في المملكة العربية السعودية يحصل على تحويل أفضل بكثير من الحملات القائمة على الإعلانات. ويؤدي هذا المحتوى إلى تعزيز الثقة والاهتمام لدى المتسوّقين ويحثّهم بالتالي إلى التصرّف والشراء.
أمّا أخيراً، فتعتبر السرعة إحدى الأسس التي تميّز التجارة الاجتماعية إلى حدّ كبير مقارنةً بالتجارة الإلكترونية. فتخلّي المتسوّقين عن عربات التسوّق المليئة بالمنتجات التي كانوا يرغبون في شرائها هو أسوأ كوابيس المسوّقين والتجّار. وما يميّز التجارة الاجتماعيّة على تيك توك هو أنّها تتّخذ نهجاً مختلفاً تماماً عن ذلك إذ تمنح المجتمعات ثقتها لبعضها البعض من أجل الضغط على مفتاح "الشراء" بناءً على المراجعات والتوصيات بدون الحاجة إلى أيّ مصادقةٍ خارجيةٍ أو توثيق على جودة المنتج. ووفقاً لدراسة صادرة عن Behave، تؤدي هذه الرحلة الشاملة إلى تجربة تسوق خالية من أيّ احتكاك تتّسم بالمزيد من المتعة والثقة.
في يومنا وعصرنا هذا، على العلامات التجارية والشركات أن تبقى مواكبةً للاتّجاهات الرائجة للاستفادة منها والتمكّن من الاستثمار في الفرص التي تتيحها لهم التجارة الاجتماعية، سواء كان ذلك في المملكة العربية السعوديّة أم خارجها، والطريقة الأفضل لتحقيق ذلك هو بالبقاء ضمن منظومة متكاملة العناصر، أي المجتمع والتسوّق والترفيه، والتفاعل على منصّة مبنيّة من قبل المجتمع وله.
المتحدث الرسمي: فهد المغربي، مدير عام الشراكات التجارية بالسعودية في تيك توك
