حلال على الأوربيين حرام على السعوديين

لا شيء يشغل الأوروبيون تحديدا هذه الأيام سوى هجرة اللاعبين إلى السعودية وترك أندية مثل برشلونة الإسباني ولاتسيو الإيطالي، ما تسبب في حنق كثير منهم وآخرهم اللاعب الألماني السابق كلوزه، لكن هذه الانتقادات لا تمنع السعوديين من الحصول على توقيعات هؤلاء اللاعبين وجلبهم لتعزيز حضورها الرياضي وتقوية دوري كرة القدم، ولعل تصريحات كريستيانو رونالدو كانت واضحة، حيث يقول إن الدوري السعودي سيكون قريبا ضمن أفضل خمس دوريات في العالم، وها نحن على الطريق، لكن يبقى السؤال: لماذا نستقطب ونستثمر في كرة القدم؟

ليس جديدا ما أقوله بخصوص استخدام الرياضة قوة ناعمة واستخدامها في تعزيز الصورة الذهنية للدول، وانعكاس ذلك على قطاعات أخرى مثل السياحة والثقافة والفن والاقتصاد، إذ تلعب الرياضة قوة هائلة في هذا السياق، بل إنها تذهب بعيدا، حيث لديها القدرة على رفع مستوى أرقام الوظائف، وتوحيد الشعوب والدول، وكسر الحواجز، والتوحد نحو تحقيق الأهداف، وهذا ما كان يدفع الدول الغربية كثيرا إلى استخدام الرياضة والرياضيين في تحقيق غاياتهم، وهو ما يراه بعضهم حلالا لهم وحراما علينا.

الرياضة باختصار توحد الناس وتخلق الوظائف وتعزز التفاهم، وتلعب دورا في تحقيق السلام، بل تحسن واقع الصحة والتعلم والنمو، ففي عام 2010م ساعدت بطولة كأس العالم في تعزيز العلاقة بين البيض والسود في جنوب إفريقيا، كما ساعدت دورة الألعاب الصيفية في لندن في 2012 في جذب السياح للعاصمة البريطانية وتعزيز الاقتصاد المحلي، كما ساعدت الرياضة في البرازيل على الحد من الجريمة وتحسين التحصيل التعليمي بين الشباب، كذلك تقدر قيمة صناعة الرياضة العالمية بحوالي 500 مليار دولار، وتخلق الرياضة أيضا أكثر من 26 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم.

هذه الأرقام والمعلومات والإحصائيات ليست جديدة على المشرعين في رؤية المملكة 2030، والتي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكنها قد تغيب على بعض العاملين في مجال الإعلام أو الكتّاب الرياضيين أو حتى كثير ممن يستغربون قيمة التعاقدات مع لاعبين بمبالغ يقال عنها فلكية ولكنها في حقيقة الأمر ستعود بفوائد مجزية على جميع القطاعات الاقتصادية والثقافية والرياضية والاجتماعية في المملكة، بل إننا شاهدنا حاليا الكثير من الفوائد إذ ارتفع المحتوى الإيجابي المكتوب عن السعودية في صفحات الانترنت بشكل كبير، وأصبح العالم اليوم يتحدث عن المملكة من واقع وجودها واستثماراتها في المجالات الرياضية تحديدا.

إن الواقع الذي تشهده السعودية في شتى المجالات لهو جدير بالملاحظة، فهذا التحول من الاقتصاد النفطي إلى الاقتصاد غير النفطي سيجعل المملكة قوة مؤثرة إقليميا وعالميا، ولن تتوقف هذه العجلة عند الرياضة بل ستشهد قطاعات أخرى نموا كبيرا، وهذا يدعو الجميع إلى التآزر مع هذه المشاريع والكتابة عنها بفاعلية وأخص بذلك الكتّاب الرياضيين والذين حولوا جماليات المشروع الرياضي إلى مشادات ومشاحنات يبدو في ظاهرها تعصبهم الكروي، لكن تظهر بين ثنايا ذلك رغبتهم في التصدر لدى الجماهير والحصول على التأثير من خلال الترويج عبر منصة تويتر وسناب شات، وهذا ما يدفعني إلى التأكيد أن هذه الكتابات لها أثر سلبي وربما يتم استغلالها من قبل الحانقين على التقدم السعودي في الاقتصاد الرياضي وإظهار هذه الآراء وكأنها تمثلنا، وهذا ما يجب على الجميع التنبه له.

ها نحن نتقدم عالميا في شتى المؤشرات وها نحن اليوم في واقع يختلف جذريا عما كنا عليه قبل سنوات، وهذا يدفعنا إلى معرفة ما تقدمه الرياضة من قوة ناعمة والاستفادة من ذلك، وخصوصا من خلال تعزيز حضورنا الإيجابي والكتابة بفاعلية في المشهد الرياضي، واستشعار أننا في مركب واحد لمواجهة الخصوم وخصوصا خصومنا اليوم في عالم الرياضة، لنحقق مكاسب اقتصادنا الرياضي، ونستفيد من قوته الناعمة، فالأمس لنا وغدا سيكون لنا بحول الله.

باحث في المحتوى الإعلامي الرقمي - إسبانيا

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa