حتى بدت نواجذه
نسكب دموعنا عندما نتخيل صورة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونتأمل خِلقَته الطاهرة، ويتملّكني الفضول بأن أرى نواجذه أثناء ضحكته، وكيف هي عيناه حينها، أتشوق لتقبيل جبينه ويديه عليه السلام، أعانقه والبكاء لا يتوقف من هول الموقف، وأجمع له من الأسئلة بضعًا بضعًا، ومن طلب الشفاعة الجّم الغزير.
يا نبي الله بأبي وأنت لم تر أباك، كل له أب يرعاه ويطمئن لحاله وأنت لا أبًا يحتضن صباك، بأمي أنت يا رسول الله فأنت لم تتهن بجنانها، عشت وحيدًا يتيمًا والله لم ينسك، بلغت السبع سنين وأبواك في قبريهما .
بكيت في عامك الحزين يا أطهر خلق الله فقدت حبيبتك خديجة وعمك أبا طالب، فقدت القاسم والطيب عبدالله وإبراهيم، تتابع الفقد عليك ورحلوا، التحقوا بوالديك وذهبوا يارسول الله .
في حياتك لم تسلم من ظلم الأقارب وإساءة الأعمام يا رسول الله، آذوك فعفوت، رموك بالحجارة فصفحت، قالوا عنك السحر فقرأت، وصفوك بالجنون فكبّرت، أدبروا ببدر فسجدت، أقبلوا يسألونك فتلوت، أنك رسول الله محمد بن عبدالله كريم ابن كريم، فمن كرمك علينا شفعت، ومن حبك لنا اشتقت، فوالله أني أحبك حالفًا بأسماء الله الحسنى ويسمع الله ضرب دموعي بالأرض من وجل سيرتك فاللهم أنك قد بلغت .
يا رسول الله نجزع عندما ينقص الدرهم والدينار وأنت رحلت إلى ربك ودرعك مرهون .
كنت أظن أن عند رؤيتي لرسول الله سوف أتمكن من طرح السؤال كما توقعت في بداية مقالتي؛ ولكن بعد أن استذكرت شيئًا من سيرته العطرة فأعتقد أني سوف أفعل كما فعل أهل يثرب عند رؤيته- صلوات الله وسلامه عليه- وسأنشد له طلع البدر علينا.
محمد الرساسمة