«التعليم» حمت أبناءنا من جائحة كورونا
سبق أن كتبت مقالًا عن أبطال الصحة وهم يديرون معركةً شرسةً مع فيروس كورونا، وبالتحديد مع زخم المعلومات التي ضختها مواقع التواصل حول الفيروس بداية الأزمة وسيطر إعلام الصحة عليها بشكل احترافي.
اليوم ونحن لم يتبقَّ لنا إلا ساعات معدودة من العودة إلى الحياة الطبيعية –طبعًا العودة بحذر وثقافة مختلفة– نستعرض وقفات لأبطالٍ آخرين كانوا سدًّا منيعًا في وجه «كورونا» حينما حاصر أبناءنا في منازلهم، ومنعهم من الذهاب إلى مدارسهم وجامعاتهم.
ألا وهم رجالات التعليم، خصوصًا أننا هذه الأيام نحتفي بالأبناء وهم يترقبون قبولهم في الجامعات، والمعاهد، وسوق العمل بعد أن عبر بهم رجالات التعليم ويلات الفجوة التعليمية التي كانت ستضر بمستقبلهم بعد إغلاق المقرات التعليمية.
نعم، وزارة التعليم بطواقمها كانت أمام تحدٍّ كبير عندما لم يدع لها كورونا الفرصة حتى أن تلملم دفاتر وأقلام وكتب الطلاب والطالبات من على طاولات الدراسة.
ووُضع المجتمع التعليمي أمام خيارين: إما أن تتعلم في مدرستك وجامعتك وحياتك في خطر، وإما أن تسلم و تبقى في بيتك دون تعليم.
القصة في حد ذاتها جديرة بالقراءة؛ لما فيها من أحداث وتحديات!
ولعلنا متفقون أن توفير محتوى تعليمي ونقله إلى منزل كل طالب وطالبة في مساحة بحجم المملكة، وفي أقل من ٢٤ ساعة من قرار إغلاق المقرات التعليمية، وجعل تلك المقرات بما تحمله من كوادر وتجهيزات في خدمة الوطن والمواطن تحت تصرف وزارة الصحة، دون الإخلال بالمهام الأساسية التي أنشئت من أجلها– بطولة يسجلها التاريخ للتعليم.
لا أظن أن الطريق كانت معبدةً أمام الوزارة في إنجاز المهمة! فعامل الزمن، والأعداد، والتضاريس وتفاوت الفئات العمرية، وفُجاءة الظرف، عوامل قوية تجعلنا أمام سؤالين مفصليين في القصة: كيف تم التغلب على تلك العوامل بهذه السرعة؟ وهل كان هناك توقعات مسبقة لمثل تلك الظروف؟
استبدال الحضور الى المقرات التعليمية بالتعليم عن بعد في وقت وجيز، يشير إلى أن «التعليم» لم تكن في سبات قبل أزمة كورونا، حتى وإن لم تُحدث ضجيجًا!
فسرعة إيجاد منصات إعلامية وقنوات توفر محتوى تعليميًّا بجودة عالية للطلبة في بيوتهم، ومعلمين مدرَّبين على تقديم المقرر المدرسي إلكترونيًّا عن بعد، والإجراءات الدقيقة لتوفير العدل بين الدارسين؛ يدل على أن ثمة تخطيطًا وتوقعًا لمثل تلك الأحوال من قيادة المؤسسة التعليمية.
وإذا أتيتَ إلى من يقف خلف تلك النجاحات فحتمًا سيكون معالي الوزير! ولو أنني أعرف أنه لا يريد ذكر ذلك، ولكن ما لا يتم الواجب إلا به، يا دكتور حمد، فهو واجب.
إذ إن تخفيف الفاقد التعليمي إلى أقل درجة ممكنة عبر التعليم الإلكتروني لأبنائنا الطلبة في أزمة كورونا، إنجاز لا نستطيع أن نفصله عن جهود معاليكم.
وتصريحكم بداية الأزمة بأن التعليم عن بعد سيكون خيارًا استراتيجيًّا للمستقبل وليس مجرد بديل، يدل على نضج الفكرة لديكم منذ وقت مبكر ، وأن الوزارة قد قطعت شوطًا معتبرًا من الاستعداد لهذا النوع من التعليم.
أنتم رائعون، يا وزارة التعليم! وجهودكم في جائحة «كورونا» في المقدمة مع تلك الأسماء الجميلة التي وقف الجميع إجلالًا وتقديرًا واحترامًا لدورها.. فقط، ربما أنكم تحتاجون أدوات لإبراز تلك الجهود.