آسيا الوسطى في عين أوروبا والخليج

آسيا الوسطى هي موطن لخمس دول، كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، وقد كانت هذه الأراضي موطنا للإمبراطوريات الكبرى التي تتقاطع مع طرق التجارة الرئيسة، ولها إنجازات ثقافية وفكرية دائمة في مختلف مجالات الفنون والعلوم.

وتتسابق الدول إلى إقامة علاقات متعددة ومتنوعة مع هذه الدول نظرا لأهميتها الجيوستراتيجية، حيث عقد في 2022 في سمرقند الاجتماع الوزاري بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى، كما عُقِدَ مؤتمر الاتصال بين الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى وذلك لرغبة الأوروبيين في الاستفادة من هذه الدول، وفي المقابل فإن دول آسيا الوسطى تعمل على تنويع شراكاتهم، حيث يتطلعون من الأوروبيين إلى كثير من العمل وخصوصا في قطاعات الاتصال والطاقة والأمن، كما أن الروس والصينيين يعملون على مد جسور الشراكة مع هذه الدول والاستفادة منها في قطاعات مختلفة.

واليوم في جدة (السعودية) نشهد اجتماعا لا يقل أهمية عن لقاءات الأوروبيين، حيث يجتمع مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى لمناقشة العديد من الملفات المهمة، حيث إن آسيا الوسطى تقع في قلب الأحداث، من الناحية الجغرافية الاستراتيجية والجغرافية الاقتصادية، ويهم دول الخليج أن يكون لها امتداد في هذه البقعة رعاية لمصالحها وامتدادا للجهود المشتركة في قطاعات مهمة.

هذه الاستضافة السعودية للقمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى (C5) بالتزامن مع اللقاء التشاوري الثامن عشر، تعكس اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- على توثيق العلاقات بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى (C5)، ورفع مستوى التنسيق بينها حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

إننا إذا نظرنا إلى أهمية آسيا الوسطى فهي تمتلك إمكانات كبيرة وخصوصا في مجال إمدادات الطاقة والمواد الخام الحيوية وممرات النقل الجديدة التي لا تعتمد على روسيا (إلى ما يسمى بالممر الأوسط أو ممر عبر بحر قزوين)، وتعد أوروبا الشريك الاستثماري الرئيسي لهذه الدول، حيث يمثل الاتحاد الأوروبي أكثر من 42٪ من إجمالي مخزون الاستثمار الأجنبي المباشر في آسيا الوسطى، مقارنة بـ14.2٪ للولايات المتحدة، و6٪ لروسيا، و3.7٪ للصين.

قد يكون للأوروبيين دائما ملفات جاهزة عندما يتطلعون للشراكة ومن ذلك ملفات المياه والمناخ والملفات السياسية الأخرى مثل حقوق الإنسان والديموقراطية، بالإضافة إلى القلق من التدخل الروسي في هذه الدول وقدرته على الوصول إلى ما هو أبعد من الأوروبيين والأمريكيين.

الخليجيون يجدونها فرصة مع دول آسيا للحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وإقامة شراكات فعالة بين قطاع الأعمال في دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، والحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وتعزيز التواصل بين الشعوب، وإقامة شراكات فعالة بين قطاع الأعمال في دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى.

ولا يخفى أن هناك تبادلا تجاريا بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى بلغ نحو 3.1 مليارات دولار أمريكي في عام 2021م، أي نحو 0.27% من إجمالي حجم التبادل التجاري السلعي لمجلس التعاون، فيما بلغت قيمة صادرات مجلس التعاون إلى دول المجموعة نحو 2.06 مليار دولار أمريكي في عام 2021م مقابل واردات بنحو 1.03 مليار دولار، وبلغت أقصى نسبة للصادرات السلعية من مجلس التعاون إلى دول المجموعة 0.37% في العام 2020م؛ بينما بلغت أقصى نسبة الواردات السلعية إلى دول المجلس 0.21%؛ وذلك في عام 2021م.

لا شك أن الخليج يعمل على صناعة التكتلات لمواجهة عالم متسارع وتكنولوجيا تتطور بين الفينة والأخرى، إضافة إلى التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، إضافة إلى ما يتعرض سلاسل الإمدادات من صعوبات تجعل من الوصول إلى الموارد الخامة مطلبا رئيسيا بالإضافة إلى تأمين تنقل السلع وإيجاد الطرق البديلة، وهذا الأمور تساعد دول الخليج في كونها في قلب العالم القديم أن تقوم بأدوار أكبر في ربط الشرق بالغرب وهذا ما تعمل عليه قيادة المملكة والقيادات الخليجية مجتمعة.

باحث في الإعلام الرقمي - إسبانيا

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa