عيادة واستفادة

يروي لي أحد الأصدقاء أن علم بمرض أحد زملاء الدراسة القدامى وكان هناك تواصل بينهم بالمناسبات حيث أن زميله يسكن في مدينة أخرى.

يقول: كلمته وقلت له: سوف آتي لعيادتك تمنع في البداية ولكني أصريت فرحب وبامتنان لأني سوف أسافر وفعلًا ذهبت واستقبلني استقبالًا طيبًا، وكانت صحته فيما بدا لي جيدة، وأحضرت له معي هدية أو بالأصح هدايا.

 وتحدثنا مستهلًا ذلك أنه يجب أن يهتم بصحته، ولاحظت أنه كان يتجنب الحديث عن مرضه ويغير الموضوع، واحترمت ذلك منه وأخذنا نتكلم عن الزملاء والذكريات، وكان يصر على ماهية وضعي الحالي، وإلى أين وصلت أحوالي وحالي، فحمدت لله وأخبرته بأريحية عن أوضاعي وإنجازاتي وكثير من الأمور الطيبة، وأيضًا عن الصعاب وكيف تجاوزتها.

وأردت منه أن يحدثني عن أموره كما فعلت، ولكن وجدته أيضًا يتجنب ذلك، وأيضًا قد تغير وتجهم قليلًا، وآثرت تغير الموضوع، وحضر بعض أصداقائه بعد ما عمل وليمة مقتصرة بعد إصراري عليه ألا يتكلف، فأنا أخ ولست غريبًا أو ضيفًا.

وكان يريد ويحفز أصدقاءه على ذكر مشاريعهم التجارية (المرتقبة) وعلاقاتهم مع التجار، وتخطيطهم للاستثمار، وأن طريقهم هو التجارة والأعمال، أمانة فرحت لهم، وتمنيت لهم التوفيق بل يمكن مشاركتهم مستقبلًا في حال نجاح هذه الأفكار والمشاريع المرتقبة.

يقول صديقي أحسست أن الوقت أزف للمغادرة، وأحسست أيضًا أن الأمور قد بدأت تأخذ منحنى آخر، لأن الكلام كأنه موجه لي وفيه مقارنة وتفضيلـ فاستأذنت بلطف وشكرته وعدت لمدينتي وأنا متأسف أن الصورة الجميلة لهذه العلاقة قد تشوهت بعد هذه السنين.

بعد شهر أو شهرين فوجئت برسالة على الجوال من أحد زملاء الدراسة السابقين يذكر فيها أن زميلنا الذي زرته قد توفى اليوم، صدمت وفهمت لماذا كان يتجنب الحديث عن مرضه.

ولكن ما أفهمه أيضًا أن الإنسان كلما تقدم به السن أو أصيب بمرض لا يعرف عواقبه يكثر من الخير والحسنات، ويصلح ما بينه وبين الله أولًا، ثم ما بينه وبين الناس، ولكن تصرف زميلي كان درسًا استفدت منه حيث ما كان منه بالنسبة لي عكس ذلك.

يكمل صديقي ويقول ترحمت عليه وسامحته وسألت الله أن يثبتني، وألا أفتتن، ودعوت "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا".

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa