معلومات مجمدة

معلومات مجمدة

تم النشر في

في الثلاثينيات من القرن العشرين كان كلارينس بيردساي، وهو مواطن أمريكي يعمل إداريًّا قد انتقل إلى لابرادور(منطقة تتبع نيوفاوندلاند في كندا على ساحل الأطلسي شمال شرق أمريكا الشمالية)؛ حيث لاحظ أن الأسماك التي كانت تصاد هناك شتاء تثلج فورًا بحكم برودة المنطقة فتحتفظ بطعمها لفترات أطول.

فاخترع تقنيته الجديدة وسماها (التثليج السريع) وعرضها في واشنطن، وهي عبارة عن لوح من الثلج ومروحة ودلو ماء مالح ونقيع من كلوريد الكالسيوم ومنها بدأت فكرة التثليج أو التجميد.

وإسقاطًا من ذلك نجد بعض الكتاب يأتي بموضوع ومواضيع قديمة وأفكار أشبعت نقاشًا وجدلًا، وأحيانًا نفيت وألغيت بنظريات وأبحاث فندتها أو بنت عليها وأتت بأفضل منها.

وهنا يصبح الوضع كما نأخذ المأكولات المجمدة من الثلاجة والتي لا ندري في أحيان كثيرة منذ متى جمدت ونطبخها ونتلذذ بطعمها وكأنها أكلة جديدة ونوهم أنفسنا أنها ذات نكهة فريدة (طبعًا بعد إضافة بهارات حديثة وطبخها بطريقة وأوانٍ حديثة)، ونعلن ذلك للجميع ونريد أن ينبهر الذين من حولنا بما عفا وسلف بل إن البعض يرى فيك قصور في الفهم والتلذذ لعدم استجابتك ومدحك وتضطر في أحيان إلى المجاملة.

مع ذلك أقول إنه أحيانًا قد تستحق بعض الأمور إعادة طرح بعد أن جدت عليها معلومات وأوضاع تستدعي ذلك لكنها في العادة قليلة لكن ما لا أراه ولا نحبذه أن يتحول ذلك إلى رتم وعادة وأسلوب؛ حيث إن البعض لا يضيف شيئًا وأنه في الحقيقة خارج عن زمنه ذاتيًّا وأمور ومشكلات وتطور هذا الزمن مما يوحي بعجزه عن استنباط ما يحيط به من مستجدات وتطورات تقتضي الإشارة والاستفادة والتوجيه لها وذكرها، وكما قال تعالى: (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).

وأيضًا تزداد المسألة سلبية؛ حيث يدعو الغير بطريقة ما أن يتأثروا ويعجبوا بذلك فتكون النتيجة أنه ينشأ أشباه لا يقدمون جديدًا ويتوقف معهم وعندهم الزمن وإن تقدموا تقدموا ببطء وتثاقل في زمن ووقت أضحت عوامل الإبداع والابتكار والتطور المتسارع من حيث إنتاج المعلومات والاختراعات في أغلب المجالات سمته الغالبة وأحد أبرز خصائصه.

المعلومات المجمدة كالمأكولات المجمدة يبقى بها طعم لكن لا تماثل أبدًا الجديدة والعالم والمجتمعات الواعية تبحث ومتعطشة للإبداع والجديد وإن أخذت العبر من الماضي لا لتقف عنده بل لتجعله منطلقًا تصوغه بشكل طموح وحافز للأفضل وللرقي والتقدم مؤمنة أنه لا زمان ولا مكان يختزل الإبداع والابتكار والتقدم.

logo
صحيفة عاجل
ajel.sa