المحتوى الإعلامي ينتصر لـ«ترامب»

تم النشر في

 قد تمتلك القدرة الفائقة المعلوماتية في صناعة وإدارة التطبيقات الرقمية، وقد تكون مهندسا مشهورا قادرا على استخدام الخوارزميات بطريقة متقدمة في المجال الإعلامي، لكن شيئا واحدا قد تفتقده، قد يغير قواعد عملك، ربما يأخذك للأعلى وربما يسقطك وربما يبطئ سير عملك، إنه فن "صناعة وإدارة المحتوى الإعلامي".

لقد قضيت في صناعة وإدارة المحتوى الإعلامي قرابة العشرين عاما وتوجت هذا الجهد بكتابة رسالة الدكتوراه في إسبانيا حول التغيير والتطورات في إنتاج المحتوى الرقمي وهو ما سمح لي بالإبحار بعيدا في هذا الفن وجعلني أستخدمه بطريقة ساعدتني كثيرا في مجال العمل.

إن المحتوى كما وصفه مؤسس مايكروسوفت غيتس "هو الملك"، لذا فمن امتلك المحتوى سيتوج ملكا على الجميع، وهذا ما وجدته خلال رحلتي الطويلة من المنصات التقليدية إلى المنصات الرقمية وصولا إلى عصر الذكاء الاصطناعي.

ومن الذين برعوا في استخدام المحتوى الرقمي حديثا هو الرئيس الأمريكي المنتخب هذه الأيام دونالد ترامب الذي نفذ استراتيجيات مختلفة في مجال الإعلام وكان ذلك أحد مفاتيح نجاحه.

ومن هذه الاستراتيجيات قيامه باستخدام محتوى البودكاست في الوصول للشباب وارتفاع نسبة التصويت له بينهم من خلال ابنه "بارون" ذي الـ18 ربيعا، الذي لعب دورا بارزا في استخدام البودكاست لزيادة شعبية والده بين الناخبين الشباب. وهذا يؤكد أن كل شريحة وجيل لديه منصات رقمية خاصة به للوصول إليهم وكسب ثقتهم.

عرف دونالد ترامب كيفية تحقيق أقصى استفادة من صناعة محتوى يتوافق مع الوسائط الرقمية المستهدفة خلال حملته الانتخابية، فلقد استخدم منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام للتواصل مباشرة مع الناخبين، ومشاركة رسائل قصيرة ومباشرة وجدت صدى لدى قاعدته.

بالإضافة إلى ذلك، استخدم بشكل مكثف الإعلانات الموجهة على شبكات التواصل الاجتماعي، مما سمح لحملته بتحديد شرائح مختلفة من المواطنين الأمريكيين وتخصيص رسائلها وفقًا لاهتمامات كل مجموعة. كما قام فريق حملته بتنفيذ تقنيات التقسيم الجزئي لتعظيم تأثير رسائله وتعبئة الناخبين المترددين.

وعلى نحو مماثل، استخدم ترامب الصور المضحكة، ومقاطع الفيديو واسعة الانتشار، وغير ذلك من أشكال المحتوى الرقمي للسيطرة على الناخبين، وتسخير قوة "المؤثرين" لخدمة حملته وهو ما حدث. وقد أتاح له الجمع بين هذه التكتيكات في المحتوى أن يكون له حضور مهيمن في الفضاء الرقمي، وهو ما كان أساسيا لاستراتيجية حملته ونجاحه في تعبئة الناخبين، وخاصة الشباب وأولئك الأقل اهتماما بوسائل الإعلام التقليدية.

بقي القول، إن المحتوى الرقمي الإعلامي لا يحتاج فقط لكاتب أو مفكر لصناعته، بل يحتاج لعقل يتمتع بخبرات طويلة في فهم الجمهور، وأفضل المنصات الرقمية التي تهمه، بالإضافة إلى تطبيق تكتيكات مختلفة تتعلق بالتوقيت ومتابعة الأحداث لتجعل رسالته قوية التأثير وتملك قدرة هائلة في الوصول للمستهدفين، وبالتالي تحقيق الأهداف المطلوبة، ليبقي "المحتوى هو الملك".

باحث دكتوراه في الإعلام الرقمي، بجامعة كمبلوتنسي مدريد، إسبانيا

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa