يزيد أم يزيد

إن أكثر رجل يتكرر اسمه في المعترك المذهبي بين السنة والشيعة هو "يزيد بن معاوية"؛ فبعض أهل السنّة يظنّ أن "يزيد بن معاوية" صحابي وعامة الشيعة يظنون أنّ "يزيد بن معاوية" له قيمة عند السنة رغم موقفه من الحسين عليه وعلى آل البيت الرضوان والسلام.

وهذه معضلة يجب أن يتنبه لها الفريقان ويركزان عليها.

أولًا بالنسبة للسنّة: فإن هناك خلطًا كبيرًا بين الصحابي الجليل يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه وعن أبيه وبين "يزيد بن معاوية" الذي ليس بصحابي وليس لديه منقبة كبرى تزكّيه وترفعه عند السلف.

وثانيا بالنسبة للشيعة: فيجب أن يدركوا إدراكًا تامًا أن أئمة السنة لم يكونوا يرفعون من قيمة يزيد بن معاوية بل يعدونه مجرد ملك من ملوك المسلمين أراده الله ﷻ رغما عنهم وفيه من هو أزكى منه وأصلح وأرفع شأنًا وأولى بالخلافة والملك.

وقد أجمع السلف الصالح من أهل السنة على عدم محبته بل لعنه بعضهم ولما قال صالح بن الإمام أحمد لأبيه:

أيؤخذ الحديث عن يزيد بن معاوية؟

فقال: لا، ولا كرامة، أو ليس هو فعل بأهل المدينة ما فعل؟

وسأله: إن أقواما يقولون: إنّا نحب يزيد، فقال: وهل يحب يزيد من يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقال له: أو لا تلعنه؟

فقال: متى رأيت أباك يلعن!

يعني من طبعه رحمه الله أن لا يلعن وإن كان يزيد مستحقًا للعن.

وقد كتب أبو يعلى كتابًا فيه بيان من يستحق اللعن وذكر منهم يزيد بن معاوية.

وقال الذهبي رحمه الله عن يزيد بن معاوية: افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين واختتمها بواقعة الحرة فمقته الناس ولم يبارك في عمره.

وقال ابن حجر رحمه الله عن يزيد بن معاوية: وأما المحبة فيه والرفع من شأنه فلا تقع إلا من مبتدع فاسد الاعتقاد فإنه كان فيه من الصفات ما يقتضي سلب الإيمان عمن يحبه.ا.هـ

وقد نرى من أهل السنة من يحاول ويستميت في الدفاع عنه وهو إما جهل منهم أو تأويل فاسد .

ويزيد بن معاوية بما أنه ليس صحابيا فلا ينبغي أن يتّخذه بع الشيعة شعارًا وهدفًا للطعن في السنة وأهلها وهم بريؤون من تصرفاته القبيحة المخالفة للسنة وأهلها.

وأما مشاركته في مقتل الحسين عليه وعلى آل البيت الرضوان والسلام فقد زعم يزيد بن معاوية عدم رضاه بما فعل ابن زياد وشتم ابن زياد.

لكن في الحقيقة هو من ولى ابن زياد وهو من أبقاه على الكوفة ولم يحاسبه على تصرفه أو يعزله، ولم يحذره من التجرؤ على قتل الحسين فهو شريك بذلك.

ويزيد بن معاوية له موقف سيئ آخر غير ذلك وهي (وقعة الحرة) حيث قاتل أهل المدينة وفيهم صحابة رسول الله ﷺ .

وإن كان ليزيد بن معاوية من مناقب كغزو القسطنطينية فشأنه شأن أي ملك من ملوك المسلمين ولا يغير هذا من أفعاله الإجرامية التي اصطبغت بصبغة الظلم وحرب أولياء الله .

قال الذهبي رحمه الله : ويزيد ممن لا نسبُّه ولا نحبه وله نظراء من خلفاء الدولتين وكذلك في ملوك النواحي بل فيهم من هو شر منه وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي ﷺ بتسع وأربعين سنة والعهد قريب والصحابة موجودون كابن عمر الذي كان أولى بالأمر منه ومن أبيه وجده .ا.هـ

والمهم لدينا هنا هو أن يفهم الشيعة جيدا أننا لا نخفي محبتنا لصحابة رسول الله ﷺ ونرى واجبًا علينا أن ندافع عنهم ومنهم ابو سفيان وابنيه يزيد و معاوية رضي الله عنهم ولكن في المقابل عليهم أن يدركوا جيّدا أن يزيد بن معاوية ملعون على ألسنة بعض علمائنا وأئمتنا ولا نحبه بل نبغضه في الله ﷻ وندرك تمام الإدراك أنه تولى الملك وفيه من هو خير منه وأولى وندرك تماما أنه لا يساوي مثقال شعرة من شعرات الحسين عليه وعلى آل البيت الرضوان والرحمة والسلام.

ولا بد لأهل السنة أن يدركوا ذلك تماما فإذا أرادوا الدفاع فليدافعوا عن يزيد بن أبي سفيان وأما يزيد بن معاوية فلا يستحق الدفاع أو أن تفنى بسببه أقلام أو أحبار أو أعمار .

والله المستعان

د. ناصر عبدالرحمن ناصر الحمد

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa