مصفوفة العمر

في إحدى زيارتي لعروس البحر الأحمر جدة ركبت مع أحد سائقي التطبيقات من المطار إلى الفندق وكان رجل في ما ظهر لي متوسط العمر وشابًا؛ حيث كان يرتدي ما نسميه cap كاب أي قبعة رياضية .

المهم دخلت معه في حوار للتسلية خلال الطريق ولأريحية أهل جدة الطيبة والمعروفة، وبدى عليه شيء من الحزن وبتنهيدة عميقة قال لي: اليوم أكملت ٥٠ عامًا وأن الأيام والسنين مرت بسرعة.

لقد كان بصحة جيدة ويعمل، وخلال الحوار تبين لي أن دخله جيد جداً

وعنده أسرة ولكن ناقوس الخمسين ضج عليه مضجعه وأسدى ظلامه على إشراق أيامه .

حينها لم أعلم ما أقول، تلك سنة الحياة والأعمار بيد الله، ولكن سرعان ما بدر إلي سؤال :

هل نقيس أعمارنا بأرقام السنين فقط؟

نعم إحداها أرقام السنين، وفي رأينا يجب أن يكون معها أرقام أخرى أو بالأصح تكون مصفوفة، وذلك من باب العدل والإنصاف مع النفس؛ فمنها تكون أرقام الإنجازات من أعمال للذات أي إسعاد نفسك ومن حولك وصحتك والتواصل الطيب، وأيضًا العلم وتدرجه (معرفة- وانعكاس على السلوك ودرجات أكاديمية).

وهناك العمل والوظيفة والترقي فيها، وتأتي التجارة والاستثمار والأمور المالية ازدهارها وتنميتها والتوسع فيها.

الأسرة ومعيشتها ورعايتها من إنفاق وتربية والمجتمع والوطن والمساهمة في خدمته وتطويره وتقدمه.

والأولى والأهم -قبل ذلك كله- العلاقة مع الله، وما بذلت فيها من حسنات ومن عمل خير، وعبادات، وزكوات، وصدقات، ومن عمل لا منقطع بعد الممات، كما قال -صلى عليه وسلم-: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

تلك هي بعض أرقام مصفوفة العمر، كان خمسين أو أربعين أو حتى عشرين اشملها في حساباتك لعمرك وليس فقط عدد السنوات.

وأخيرًا وليس آخرًا، نسأل الله لنا ولكم في هذه الأيام المباركة عمرًا مديدًا وعيشًا رغيدًا، وأجرًا مزيدًا، وعامًا سعيدًا، كل عام وأنتم بخير .

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa