الشيخوخة في فقه آينشتاين

هل ترغب في تأخير إصابتك بالشيخوخة؟ لا شكَّ أن الإيجاب هو الرد المتوقع؛ فالشيخوخة كانت ومازالت تشكل هاجسًا مخيفًا للبشرية، فكم من امرئ يأمل أن يحافظ على شبابه، ورغم التفات العلماء لهذا الجانب إلا أنه لا يبدو أي بوادر لنجاح تلك المساعي حتى الآن، لكن «علميًا» كل ما عليك فعله هو السفر إلى الفضاء بسرعة قريبة من سرعة الضوء.

قد يبدو كلامي من وحي الخيال، ولكن هذا هو ما أكده عالم الفيزياء آلبرت آينشتاين في نظريته النسبية التي اكتملت عام 1916، وأوضحت تلك النظرية ظاهرة «تمدد الزمن» وأنَّه نسبي وأن سرعة مروره تتأثر بقوة الجاذبية أو سرعتنا، فزيادة السرعة أو قوة الجاذبية تؤدي إلى تباطؤ الزمن، ويصف آينشتاين الجاذبية بأنَّها عبارة عن انحناء في «الزمكان» وليست قوة وهمية من الأرض كما تعلمنا من العالم «نيوتن». 

ولمزيد من التفصيل لك أن تتخيَّل عزيزي القارئ أنَّ الكون عبارة عن قطعة قماش كبيرة وأن الأجرام السماوية والكواكب تقع على هذا القماش فينحني القماش في موقع كل جرم وكوكب ليصبح ذلك الانحناء بحدّ ذاته هو الجاذبية نفسها. 

وتعد النظرية النسبية لآينشتاين واحدة من أهم النظريات التي توصل لها العقل البشري حتى يومنا هذا، وثبتت صحة النظرية باستخدام ساعات ذرية على متن طائرات نفاثة تدور حول الأرض وتم تطبيقها أيضًا في نظام التموضع العالمي GPS، حيث إنه يتمّ أخذ التمدد الزمني بعين الاعتبار للتأكّد من صحة المواقع على الأرض. علاوةً على ذلك تعتبر تجربة جامعة ستانفورد الأمريكية «Gravity Probe B » (أو مسبار الجاذبية-ب) بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من أهم التجارب العلمية التي ساهمت في إثبات نظرية آينشتاين، ووصف رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الأمير الدكتور تركي آل سعود دراسة تأثير النظرية النسبية بأنها «أحد أهم التجارب في هذا القرن».

وفي سياق موضوعنا أيضًا خاض كل من رائدي الفضاء الروسيين سيرجي كريكاليف وسيرجي افدييف تجربة تمدد الزمن نتيجة سفرهم إلى الفضاء، وحطم سيرجي كريكاليف رقما قياسيًا حيث إنَّ عمره بات أصغر بـ 0.02 ثانية مقارنة بعمره على سطح الأرض نتيجة لرحلاته إلى الفضاء التي مجموعها 803 أيام 9 ساعات و 39 دقيقة.

فإذا كنت تخشى الشيخوخة كل ما عليك هو أن تبحث عن وسيلة تنقلك إلى الفضاء الخارجي، وتضبط ساعتك مع ساعة أحد أصدقائك على كوكب الأرض، عندها ستلاحظ انَّه خلال تسارعك سيمرّ الزمن بمعدل أبطأ إلى أن تصل إلى سرعة الضوء، وفي تلك اللحظة سيتوقف الزمن. ففي المريخ على سبيل المثال ستكبر بمعدل أسرع من لو كنت بالأرض! 

يبدو أنَّ اكبر علماء الفضاء كانوا يخشون الكبر بالسن... شكرًا آينشتاين.