على الرغم من وضوح تعمُّد إيران تأزيم الوضع بمنطقة الخليج، وسعيها المتكرر لتهديد الأمن الإقليمي والإضرار بمصالح العالم، مازال الأمل قائمًا في تفادي باقي فصول هذا المخطط الشرير..
منذ سنوات والسعودية تحاول، بكل ما لديها من نفوذ ومكانة وتأثير، حماية شعوب المنطقة من تداعيات الجنون الإيراني المتعاظم، متحملة في سبيل ذلك الكثير من أشكال الإساءة والأذى، غير أنَّ أصحاب القرار في طهران لم يَعُوا ما وراء ذلك، فواصلوا اندفاعاتهم، متصورين أنَّ لغة التهديد، التي تحوَّلت في الفترة الأخيرة إلى أعمال عدائية، من شأنها أن تمنع الشرفاء من مواجهة سلوكياتهم الإجرامية المؤذية، حتى لو جروا المنطقة إلى حرب كارثية أول ما تؤذي الشعب الإيراني، المعذب– منذ عقود–.
كانت السعودية حاسمة، وهي تتصدَّى لهذا الجنون في كل من اليمن والبحرين، ثم وهي تروِّضه في مواطن أخرى كثيرة كالعراق ولبنان، وكانت النتيجة في كل الحالات خسارة إيران لاستثمار سياسي وطائفي تَعِبت عليه سنوات طويلة، حتى إنها لم تجد مخرجًا لهزيمتها الشاملة، إلا العبث بالمصالح العالمية في منطقة الخليج، متجاهلة أثر ذلك وتداعياته الخطيرة.
مبكرًا جدًا؛ حذّرت المملكة إيران ودعتها للالتزام بمبادئ حسن الجوار، وعدم التسبّب في أزمة جديدة تعصف بأمن المنطقة، غير أنَّ نظام الملالي لم يكترث بذلك كله وأصرَّ على مواصلة سلوكه العدواني الذي طال في نهاية المطاف منشآت نفطية سعودية وسفنًا بميناء الفجيرة الإماراتية، ما رفع مؤشر التوتر في المنطقة إلى قمته .
رغم ذلك؛ مازالت السعودية تؤمن بإمكانية تفادي المزيد من التصعيد مع إيران، دون أن يمنعها ذلك من العمل على ردع النظام الحاكم فيها، وهي في ذلك لا تلوح بحرب، ولكنها تعمل على تجنبها، حفاظًا على أمن المنطقة ومصالح شعوبها، بما في ذلك الشعب الإيراني، الذي سيدفع الثمن الأفدح.
من هذا الجانب، يمكن النظر إلى إعادة انتشار القوات الأمريكية في المنطقة كتعبير عن حقيقتين؛ أولاهما أنه نتيجة للتوترات التي أحدثتها السلوكيات الإيرانية المتهورة، وليس سببًا فيها كما تدعي طهران. والثانية: أنه شاهد جديد على أنَّ العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة مازالت تتميز بقوتها التقليدية، بصرف النظر عما يشيعه البعض عن تزعزع أو تباين في وجهات النظر.
وتقديري الشخصي أنَّ إعادة انتشار القوات الأمريكية، إنما يؤكد وحدة الموقف السعودي– الأمريكي تجاه السياسة الإيرانية العدوانية، كما أنَّه يمثل إشارة قاطعة لطهران بأن أي مساس بالمصالح الأمريكية، سيقابل برد فوري وحاسم.. فهل تعِي إيران هذه الرسالة؟!