نعيش هذه الأيام بداية سنة جديدة، ونودع عام 2023.. في هذه الأيام يكثر الحديث بين أفراد المجتمع وأيضا على وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) عن ماذا حققنا من إنجازات خلال عام 2023 وماهي أهدافنا خلال عام 2024م؟
إن كتابة الأهداف والسعي لتحقيقها لم يكن اللحظة وإنما حصاد عمل سنوات ماضية، فالبشر منذ أن خلقهم الله وهم يضعون الأهداف سواء بمفهومها العلمي الحديث أو بمفهومها البسيط؛ فالله سبحانه وتعالى أقسم بكتابه الكريم بالقلم وما يكتب، فقال تعالى (ن والقلم وما يسطرون).. فالله سبحانه نجده هنا أقسم بالقلم وأقسم بما يكتب القلم من أقدار المخاليق وما يكون وما يجب أن يكون في المستقبل وحتى قيام الساعة.
ومما أمر الله سبحانه القلم بكتابته سوف يحقق ما كتب ويريده الإنسان بإذن الله وسوف يشاهده ولو بعد حين. تختلف مستويات الأهداف وأنواعها من مادي وصحي واجتماعي ومهني باختلاف رغبات الشخص واحتياجاته.
يتبادر إلى ذهننا كيف نكتب الأهداف ونحققها ونحتفل بإنجازها؛ فنجد أن هناك أفرادا يتجهون لوسائل التواصل الاجتماعي فيشاهدون ويقرؤون أن هناك أفراد وضعوا برامج ودورات عن الأهداف وصياغتها وكيفية كتابتها. إن السعي لتحقيقها يتجه إليه غالبا الأفراد الذين يرغبون بالإنجاز وتحقيق الأهداف بسرعة دون وعي بمدى قياس تحقيق الأهداف قبل وضعها.
ولحرص الإنسان على صناعة منجز له في حياته نجد أنه يذهب للالتحاق بدورات أعداد الأهداف وكيفية تحقيقها، لأنه بدأ يدخل بدوامة القلق والإحباط ليصبح شخصًا منجزًا صاحب أهداف محققة، لا متأخرا عمن هم في سنه. طعم الإنجاز وتحقيق الهدف وصنع شي بالاسم يعطي للفرد شعوراً بالفخر والثقة.
إن الفرد الناجح الواعي هو الذي يبدأ التخطيط والإنجاز لأهدافه من بداية السنة، فيعمل على كتابة أهدافه والعمل عليها والسعي للوصول لتحقيقها، بحيث لا تنتهي السنة إلا بتحقيقها أو بإنجاز جزء كبير منها .
إن كتابة الأهداف مهمة ليست فقط للأفراد وإنما هي إجراء معمول به في الشركات أيضا، فنجد هناك خططا أسبوعية يجب تحقيقها وخططا شهرية وأيضا سنوية؛ فالشركات توضح خطتها لمنسوبيها من الموظفين لأجل تحقيق أهدافها بما يضمن زيادة مداخيل الشركة وأرباحها، ما ينعكس بالأثر الإيجابي على بيئة العمل في تلك الشركة من زيادة الرواتب والتعاقد مع موظفين إضافيين يكونون جزءا من نجاح هذه الشركة، وكذلك الدول ممثلة في مؤسساتها الرسمية تضع لها خططا وأهدافا لتحقيقها، وتطلعها على عامة الشعب لتخبرهم بها.
وخير مثال يستشهد به في مقالي هذا وهو حديث العالم بأسره رؤية 2030 لعرابها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد. طرحت هذه الرؤية بتاريخ 2016-4-25 وعرفها الشعب؛ فمنذ الإعلان عنها والوطن يصعد خطوة بخطوة في سلم الرقي بين دول العالم.
ان كتابة الأهداف هي ترجمة للاوعي بعقل الفرد وترتيب لأفكاره، فمن فائدتها أنها تلامس مشاعر وإحساس الفرد، ما ينعكس على إنجازه إياها داخليا بنشوة الفرح وطاقة عالية، تجعله قادرًا على الإنجاز والعطاء والحصول على مبتغاه، بشرط أنه يتيقن أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يعطيه ويرزقه ما يريد، لكن كل هذا يحتاج إلى سعي والعمل للوصول للنجاح
طريقه كتبة الأهداف:
أولا: يطلع الفرد على ما حققه في السنوات الماضية.
ثانيا: يقسم الأهداف لأهداف على المدى القصير وأخرى على المدى البعيد.
ثالثا: عند كتابة الأهداف لا تخبر بها أحد.. اعمل عليها بصمت.
رابعا: عند الانتهاء من كتابة الأهداف يجب أن تراعي أنها قابلة للتنفيذ وتعود على الفرد بفائدة.. علق قائمة الأهداف بمكان تستطيع رؤيته باستمرار بحيث عندما تشاهدها تخبرك بلاواعي أنك أنجزت وقادر على الوصول وتعطيك دافعا لتكمل المسيرة.
حدد إشارة «صح» عند إتمامك أو تحقيقك للهدف ستشعر بالفخر والحافز لإنجاز المزيد. سنوات تمضي وأخرى تأتي وهذا ما يجعلنا نعلم أن اقدارنا وسنواتنا كلها مكتوبة بيد الرحمن الله سبحانه وتعالى، فأهلا وسهلا بالسنة الجديدة بكل ما تحمل من فرح وتجديد وحياة، ولا ننسى أن لكل شخص توقيته وتجربته تختلف باختلاف الآخرين، إضافة إلى أن الاتزان مطلوب بجميع أمور الحياة.
لا يقسو الفرد على نفسه ولا يدخل بدوامة جلد الذات عندما لا يحقق هدفًا يريده. والأهم من ذلك يجب أن تعلم أيها القارئ أن تحقيق تلك الأهداف هو رحلة عليك أن تستمتع بها. وللوصول إلى نقطة الهبوط استمتع بالانطلاق وما بعده، ولا تكن شخصا سلبيا، وردد دائما الحكمة المشهورة: (لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله.. لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر)