مقاربة ومقارنة بين التفكير والشعور الإيجابي *

مقاربة ومقارنة بين التفكير والشعور الإيجابي *

تم النشر في

التفكير الإيجابي موضوع كثر الحديث عنه والسؤال عن كيفية عيشه بغية الوصول للسلام الداخلي. ولعلنا جميعًا مررنا بمرحلة لمنا فيها أنفسنا بالسؤال: لماذا لست إيجابيًّا رغم كل المحاضرات والدورات التي حضرتها؟ أين تكمن الفجوة، والإجابة من وجهة نظري الشخصية هي ببساطة لأنك أخطأت تقييم إيجابيتك، فكنت تقاوم الشعور والمطلوب تنظيفه لا مقاومته، فأنت بشر تغضب وتحزن وتتألم وهذه طبيعة الحياة ولا علاقة لذلك بالسلبية، أنا لست مدربة ولا تزيد خبرتي عن الغالبية العظمى لكنني مؤخرًا كنت كغيري أسأل نفسي لماذا رغم أفكاري الإيجابية فإن شعوري لا يحمل نفس الطابع؟ وربما هذا ما نبحث عنه فعلًا وهو الشعور الإيجابي للوصول لذاك السلام، فكنا نغذي التفكير الإيجابي ولم نوظفه للوصول للشعور الإيجابي، ولإيضاح الأمر أكثر سأطرح لكم صورًا تجسد الفكرة بعيدًا عن التنظير بالكلمات. ولعل خوف الوالدين على أبنائهم من المرض خلال جائحة كورونا مثال مناسب للطرح والتحليل، فهذا الشعور لا يتصادم أبدًا مع الإيجابية؛ لأن الإيجابية هي عيش الواقع بوسطية وتوازن فكلنا نحزن ونخاف ونتألم لكن الشخص الإيجابي يضع بعدًا رأسيًّا (زمن) وأفقيًّا (عمق الشعور) لكل ما يحس به، ارفق بنفسك وافسح المجال لها لتفرغ حزنها أو خوفها، لكن أضبط الوقت والعمق فلا تمكث طويلًا في هذه المحطة العابرة ولا توجع نفسك بالبكاء والهلع ضع حدًا لكل ألم على مستوى الوقت والعمق وتذكر أن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم حزن لفراق ابنه، وهو قائد الإنسانية لكل خير بما في ذلك الإيجابية، والتحكم بالوقت يكون من خلال سرعة تفريغ ذاك الشعور وتحديد حد أقصى للتعافي كمهلة لا تتعداها، فلكل سقوط وثبة طال الزمان أو قصر، ولضبط العمق في الشعور سنأخذ عبرة بالتفكر في حكاية الخضر مع سيدنا موسى عليه السلام ستجد في كل موقف طرفي نقيض سالب وموجب بشكل مبهر للعقل البشري، فقتل الطفل جرم عظيم إلا أنه خير محض للوالدين وكذلك خرق السفينة وجدار الأيتام، ذلك ما يسمى بمهارة الرضا عن طريق الرؤية الشاملة لأبعاد الموقف، وانتشال القلب من حالة عمق الانكسار إلى الرضا التام بالتفكير في الخير المرجو، وتبني فعل موازٍ للانفعال يبرد حرارته كأن تحول حزنك على موت حبيب بالدعاء له أو الصدقة عنه، وحينها ستفشل سيناريوهات الشيطان كلما تعاظمت أفعالك الخيرة، وتذكر أن كل تدبير له خفايا قد لا تدركها لكنها تحمل لك كل خير. بهذا التفكير الإيجابي ستقود نفسك للشعور الإيجابي وهو السلام الذي تنشده، ولنتفق على أن التعامل بحكمة مع مشاعرك وأن تجيد (الطبطبة) على روحك الموجوعة تلك هي الإيجابية فهي مهارة التفكير بإيجابية بهدف الوصول للشعور الإيجابي، كما أنها تعني الوعي بالتركيبة المعقدة للجنس البشري، والتعامل معها وفق هذا التفسير ببعد ثنائي بأن تدرك أن لكل صفة بعد سالب وبعد موجب لنفس الشخص، فالزوج الطيب القلب ضريبته سرعة الغضب والرابط هنا سرعة الانفعال، فهل تقبله في المواقف التي تلائمك وترفضه فيما لا تقبله ذاك هو التطفيف في الميزان المشاعري؟ وهذا تجسيد للتوجيه النبوي، التمس لأخيك سبعين عذرًا، يبقى أن أذكر في الختام أن أوجاعنا تهذيب سيجعل الحياة أكثر جمالًا وحكمة وقدرة على تحجيم الأمور وحماية مشاعرنا فارضَ دائمًا وتفاءل وقدم الحسنى ما وسعك ذلك، فهذه شيمة الإيجابيين.

logo
صحيفة عاجل
ajel.sa