في عام 1968 قال مذيع أميركي ساخر يدعى آندي وارهول: قريباً سيصبح كل إنسان مشهوراً لمدة خمس عشرة دقيقة فقط .
واليوم أصبح هذا القول واقعاً بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي يشارك فيها الجميع ويساهم في نشرها الجميع.
أصبح هذا القول ظاهرة اجتماعية وجزءاً من الثقافة الأميركية - لدرجة يمكن للرئيس بايدن أن يسخر من تطاول الرئيس ترامب ويقول شيئاً من قبيل: "لا تأبهوا لما يقول، فهو يعيش نصيبه من الخمس عشرة دقيقة".
وظاهرة الشهرة المفاجئة يمكن أن تحدث هذه الأيام لأي ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي. فهذه الأيام يمكن لأي صورة أو مقطع أو تغريدة أن تنفجر كالفقاعة وتجعل من صاحبها مشهوراً لفترة مؤقتة (هي المقصودة بالخمس عشرة دقيقة).
ولا يعـود السبب بالضرورة لقيمتها الفكرية أو الأدبية أو الأخلاقية، بــل لشذوذها وغرابتها ومخالفتها لكل القواعد المرعية.. أعرف مفكرين وكتاباً وأدباء كبار لم ينالوا من الشهرة ــ خلال سنوات من الإبداع والتأليف ــ ما ناله "أبو سن" و"أبو شنب" خلال دقائق على الإنترنت.
أنا شخصياً تلقيت قبل أعوام أكبر عدد من الاتصالات والدعوات لعمل لقاءات تلفزيونية مصورة. لم يكن السبب تأليفي ل١٣ كتاباً أو كتابتي لــ9000 مقال بل لأن القنوات التلفزيونية اعتقدت أنني "فهـد الأحمدي" الذي أعلن حينها عن تنظيم دورة بعنوان "هل المرأة إنسان؟" ونال بفضلها نصيبه المؤقت من الشهرة.
وكما يمكن لأي إنسان أن يحظى هذه الأيام بنصيبه من الشهرة (بما في ذلك المرأة) أؤمن أيضاً بأن كل إنسان سينال ذات يوم حظه من الهشتقة والتطاول وتأليب المجتمع عليه.. فبما أن الجميع أصبح يشارك في الخوض مع الخائضين (في وسائل التواصل الاجتماعي) سينال الجميع بالتالي نصيبهم من "الهشتقة" والتأليب كونها الوجـه الإلكتروني للغيبة والنميمة والتحريض -- التي لم نتوقف يوماً عن ممارستها رغم كل النصوص الشرعية المحرمة لها.