ثروتنا الثـالثـة

جميعنا يعرف أن السعودية تملك ثروة نفطية كبيرة..

وجميعنا يعرف أنها تملك ثروة معدنية لم تستغل بالكامل حتى الآن..

ولكن، ما لا يعرفه معظمنا هـو أنها تملك أيضا (ثروة ثــالثـة) تستخرجها هذه الأيام من مـياه البحـر..

وهـذه الثروة هي عنصر البـروم (Bromine) الذي يندر وجوده في القشرة الأرضية، ولكنه يتواجد بوفرة في مياه البحار بسبب خاصية ذوبانه العالية.

والـبروم عنصر ملحي غير معدني يتجمد بدرجة 7 تحت الصفر، ويغلي بدرجة 88 مئوية (ورمزه في الجدول الدوري 35-Br). وهـو سائل أحمر ثـقـيل يتطاير في درجة حرارة الغرفة ويصدر رائحة خانقة وحــادة تتسبب في احتراق الجلد.

وتكمن أهميته في أنه يدخل في صناعات كثيرة يـتزايد عددها وأهميتها كل يوم؛ فهو مثلاً يدخل في صناعة البطاريات، والأدوية، والأغـذية، وتخزين الطاقة، ومعالجة المياه، وصناعة النسيج، والأعلاف الحيوانية، وسوائل التنقيب عن النفط والغاز.. ولأنـه مثبط للحرائق؛ يُـوجَـه نصف إنتاجه العالمي لصناعة سلع ومواد يصعب احتراقها (كأثاث الطائرات والغواصات، وملابس الجنود ورجال الإطفاء، والأوراق النقـدية والرسمية)..

ورغم أن البحار المغلقة (كالبحر الميت) هي أفضل مكان لاستخراج البروم، تملك السعودية ميزة نوعية ستجعلها قريبا الدولة الأهم في إنتاجه عالمياً.. فـالسعودية تعد أكبر منتج للمياه المحلاة بالعالم بإنتاج يبلغ 11.5 مليون متر مكعب، (من خلال المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة)، حيث بدأت المؤسسة البحث والابتكار لتعظيم الاستفادة من رجيع صناعة مياه التحلية -الرجيع الملحي-، ومن هذه الابتكارات خرجت براءة اختراع لاستخلاص المعادن من مياه البحر، ومنها البروم كـمنتج إضافي لعمليات تحلية المياه المالحة وبأسعار تنافسية وقليلة التكلفة نسبياً..

وهذا التكامل؛ بين تحلية المياه واستخراج البروم، هــو ما يميز السعودية عن بقية المنتجين، ويـعـزز اقتصادها الدائري (كأحد مستهدفات رؤية 2030)، ويـخلق داخـلهـا ثـروة ثالثة بجانب النفط والمعادن..

وبحسب البيانات الرسمية، إذا تم الاستفادة من مياه الرجيع سيُقدر إنتاج السعودية من هذا العنصر (للعام الحالي 2024)، بـ16 ألف طن، ويُتوقع ارتفاعه إلى 35 ألف طن في عام 2030. أما الحصة العالمية فتبلغ قيمتها حالياً 3,6 مليار دولار، يتوقع أن ترتفع إلى 4,4 مليار في عام 2028 وإلى11 مليار دولار في 2033. وبفضل مشروع مؤسسة التحلية في استخلاص البروم واستمرار الطلب العالمي عليه، ستكون السعودية شريكاً أساسياً في سوق تنافـسية كبيرة تضم أمريكا وألمانيا والصين ودول أخرى..

أجمل مـا في الموضوع؛ أنه كلما زادت معدلات تحليتنا لمياه البحر، ارتفعت نسبة تصديرنا لـعنصر البروم (كناتج مصاحب)، وبالتالي تخفيض تكلفة تحلية مياه البحر نفسها...

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa